مرافعة: عقوبة الإبعاد الإداري!
من القضايا التي يتعيَّن على المشرِّع الكويتي الالتفات إليها ووضع ضوابط لتقنينها، قضية الإبعاد الإداري، التي أصبحت تُستخدم كعقوبة فورية على الأجنبي لمجرَّد مخالفته للقانون، ومن دون عرضه أمام القضاء، لمنحه حق المحاكمة العادلة التي أشار إليها الدستور في المادة 34، والتي تنص على أن المتهم - مواطناً كان أو أجنبياً - بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له جميع الضمانات القانونية.
والمراجعة التشريعية لسُّلطة الجهات الأمنية في اتخاذ قرارات الإبعاد الإداري تأتي بهدف وضع ضوابط قانونية لدى ممارستها من قِبل القائمين على اتخاذ قرارات الإبعاد، للحد من القرارات المتخذة بتقرير إبعاد أجنبي لمجرَّد ضبطه في جنح مخالفات بيئية أو لقانون الإقامة أو المرور، وأخيراً لرميه إحدى البالونات المائية على مركبة تابعة لوزارة الداخلية خلال إحدى المسيرات الوطنية التي شهدتها البلاد قبل أيام قليلة.
وتكمن خطورة التوسع في إطلاق يد الإدارة في اتخاذ قرارات الإبعاد الإداري، في كونها بلا ضابط قانوني أو واقعي، فتقرير الإبعاد عن البلاد بدواعي مخالفة الأمن العام ضابط فضفاض، ويسمح بإنفاذ شمول الكثيرين به، لمجرَّد أنهم مخالفون للأمن العام دون التثبت أو التحقق من ذلك، لاسيما أن من يستوقف ويقرر تلك المخالفة هي الجهة الأمنية، والتي لا رقيب على قراراتها.
لذلك، فإن عرض «الإبعاد الإداري» للمراجعة بات قضية مهمة، لكونها تتصل بحق الإنسان في الحصول على المحاكمة القانونية العادلة، والتي قد تنتهي بالقضاء إلى الحكم بتبرئته من الاتهام، أو الاكتفاء بعقوبات أقل وطأة من العقوبة التي أوقعتها الجهة الأمنية المتمثلة بالإبعاد، ومن ثم فالأمر يستحق المراجعة، ووضع الضوابط التي تسمح للإدارة باتخاذها، أو ربطها بسُّلطة القضاء.