سجلت المؤشرات الاقتصادية أداء قوياً في الربع الرابع من عام 2022، وسط تحسن الإنفاق الاستهلاكي والطلب على الائتمان، فيما حافظ النشاط العقاري على أداء جيد مع تصاعد الرياح المعاكسة للاقتصاد العالمي وتشديد الأوضاع النقدية.

وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، اعتدلت وتيرة النمو لبعض المؤشرات مع بداية الربع الرابع من 2022 بعد تسارع وتيرة هذه الأنشطة في الفترات السابقة، على خلفية مزيج من العوامل التي تضمنت تلاشي الطلب المكبوت بعد الجائحة وتأثيرات قاعدة الأساس.

Ad

كما تباطأ معدل التضخم الكلي، الذي أنهى العام عند مستوى 3.2% مقابل 4.7% في أبريل. وتمكنت أسعار النفط من عكس بعض التراجعات التي شهدتها في وقت سابق والتي كانت مرتبطة بالمخاوف المتعلقة بالركود العالمي وعادت لتسجل مكاسب سنوية بأكثر من 10% (مزيج خام برنت) في نهاية ديسمبر.

من جهة أخرى، كشفت الحكومة عن مسودة موازنة توسعية للسنة المالية المقبلة (2023/2024)، تضمنت زيادة في النفقات لمستويات قياسية. وسيدعم الموقف المالي المقترح الاستهلاك والنشاط الاقتصادي في عام 2023، وإن لم يتضمن إجراءات كافية لتعزيز الاستدامة المالية على المدى المتوسط.

تعافي سوق العمل

تشير الدلائل إلى أن سوق العمل بدأ يتعافى بعد صدمة الجائحة، مع ارتفاع كل من التعداد السكاني ومعدلات التوظيف مرة أخرى. وكشفت بيانات الإدارة المركزية للإحصاء ونظام معلومات سوق العمل عن ارتفاع معدل نمو العمالة الإجمالية (باستثناء العمالة المنزلية) بما نسبته 3.8% على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2022 مع عودة العمالة الوافدة مرة أخرى للبلاد، على الرغم من أن الحفاظ على هذا المعدل قد يتطلب زيادة في أنشطة المشاريع. وفي ذات الوقت، ارتفع معدل توظيف المواطنين الكويتيين بما نسبته 3.4% على أساس سنوي ليصل إلى حوالي 439 ألف وظيفة في الربع الثالث من عام 2022، بدعم رئيسي من تعيينات القطاع العام.

وقد يشهد عام 2023 المزيد من النمو في ضوء مسودة الموازنة للسنة المالية 2023/2024 والتي خصصت نفقات تغطي حوالي 21 ألف وظيفة جديدة للمواطنين الكويتيين.

استقرار معدلات التضخم

جاء تضخم أسعار المستهلكين مستقراً في الربع الرابع من عام 2022، إذ لم تتغير قراءة شهر ديسمبر وبقيت عند مستوى 3.2% على أساس سنوي مقارنة بالمعدل المسجل بنهاية سبتمبر. ويبدو أن ضغوط الأسعار للفئة الفرعية الخاصة بالمواد الغذائية والمشروبات بدأت بالتزايد مرة أخرى، حيث ارتفعت بنسبة 7.5% على أساس سنوي في ديسمبر مقابل 6.5% في سبتمبر، نتيجة زيادة أسعار الأسماك والمأكولات البحرية (+25% على أساس سنوي).

مسودة الموازنة 2023/2024

أصدرت الحكومة مسودة الموازنة الأولية للسنة المالية 2023/2024، والتي تقدر تسجيل عجز مالي للمرة الثانية على التوالي يصل إلى 6.8 مليارات دينار (13% من الناتج المحلي الإجمالي)، نتيجة لارتفاع مخصصات النفقات البالغة 26.3 مليار دينار (+11.7% مقارنة بالموازنة السابقة) ووصول الإيرادات إلى 19.5 مليار دينار (-16.9% مقارنة بالموازنة السابقة). وتستند تقديرات الإيرادات على افتراض سعر برميل النفط عند متوسط قدره 70 دولاراً ووصول معدل الإنتاج إلى 2.68 مليون برميل يومياً، مقابل 80 دولاراً للبرميل و2.73 مليون برميل يومياً، على التوالي، في الموازنة السابقة.

وعلى صعيد النفقات، تجدر الإشارة إلى أن جزءاً كبيراً من الزيادة في النفقات يتعلق بالتسوية الاستثنائية التي تدفع مرة واحدة لسد متأخرات السنوات السابقة لدعم الكهرباء والوقود المحلي (1.5 حوالي مليار دينار).

وتشمل النفقات المتبقية تخصيص قيمة أعلى للأجور والضمان الاجتماعي (1.0 مليار دينار لبدلات الإجازات وبدلات الطلاب)، بينما ترى الحكومة انخفاض النفقات الرأسمالية إلى حوالي 2.5 مليار دينار (-15.2% مقارنة بالموازنة السابقة).

وضمن عرض الحكومة للموازنة، أدرجت للمرة الأولى ضمن بند الإيرادات «إيرادات الجهات المستقلة» بقيمة إجمالية 1.8 مليار دينار. وتساهم إضافة هذا البند خفض العجز إلى 5.1 مليارات دينار. في حين إذا تم استبعاد البنود الجديدة على جانبي الإيرادات والنفقات فسيتسع العجز إلى 5.3 مليارات دينار، مما يمثل زيادة هائلة مقارنة بالعجز المتوقع بقيمة 123 مليوناً للسنة المالية الحالية (2022/2023).

وتشير الترجيحات إلى أن الموازنة الحكومية قد تحقق فائضاً صغيراً بنهاية المطاف، يصل لنحو 600 مليون دينار (1.2% من الناتج المحلي الإجمالي)، وفقاً للتوقعات التي تشير إلى ارتفاع أسعار النفط بالتالي العائدات النفطية المحققة مقارنة بالمستويات المدرجة ضمن الموازنة (90 دولاراً للبرميل مقابل 70 دولاراً للبرميل) وباعتبار أيضاً التوجهات التاريخية للحكومة التي تتمثل في عدم إنفاق كامل مخصصات الموازنة (90-95% من الموازنة).