في وقت واصل الجيش الإسرائيلي، لليوم الثالث على التوالي، إغلاق بلدة حوارة جنوب نابلس، وتحويلها إلى منطقة عسكرية بحثاً عن منفذ عملية إطلاق نار أودت بحياة شقيقين إسرائيليين، وأطلقت شرارة أعمال انتقامية دامية قام بها العشرات من المستوطنين، دعا وزير المالية الإسرائيلي والوزير في وزارة الأمن، بتسلئيل سموتريتش، أمس، إلى محو حوارة من الوجود.

وقال سموتريتش، خلال كلمة في مؤتمر بتل أبيب: «أعتقد أن على دولة إسرائيل القيام بذلك وليس أفراداً»، في إشارة إلى المستوطنين الذين هاجموا البلدة يوم الأحد الماضي، وقتلوا فلسطينيا وأحرقوا عشرات البيوت ومئات السيارات وأصابوا عشرات المواطنين الفلسطينيين بجراح.

Ad

ونقل تصريح الوزير التحريض ضد حوارة من المستوى السياسي الشعبي إلى الرسمي في ظل خلافات حادة بين الائتلاف اليميني المتشدد الحاكم، بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والمعارضة اليسارية.

وبالتزامن فتحت المستشارة القضائية للحكومة تحقيقا مع عضو الكنيست المتطرف تسفي فوغيل، من حزب «عوتسما يهوديت»، بشبهة التحريض على العنف في أعقاب أقواله إن هجوم المستوطنين على البلدة هو «الردع الأقوى منذ السور الواقي»، في إشارة إلى اجتياح الجيش الإسرائيلي للضفة الغربية عام 2002، وأنه يريد أن يرى «حوارة محترقة ومغلقة».

وأثارت الخطوة غضب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي اتهم المستشارة بالانحياز وباعتماد «قانون لليمين وقانون آخر لليسار»، معتبراً أن ذلك يعطي دليلاً على ضرورة إقرار مشروع «إصلاح القضاء» المثير للجدل والذي تصفه المعارضة بأنه محاولة انقلابية لفرض هيمنة السياسيين على السلطة القضائية.

توقيف و«مذبحة»

في هذه الأثناء، قال قائد الجيش الإسرائيلي بالمنطقة التي تضم حوارة، الجنرال يهودا فوكس، إن قواته استعدت لمحاولة انتقام من المستوطنين، لكنها فوجئت بحدة العنف الذي نفذه العشرات.

وأضاف: «الحادث الذي وقع في حوارة كان مجزرة نفذها خارجون عن القانون». وحذر فوكس من أن «العقاب الجماعي لا يساعد في مكافحة الإرهاب، على العكس قد يسبب الإرهاب».

في موازاة ذلك، ألقت الشرطة الإسرائيلية القبض على ستة مستوطنين يُشتبه في تورطهم في اعتداءات حوارة، مشيرة إلى أنها تتوقع القيام بالمزيد من الاعتقالات خلال التحقيق الجاري.

في غضون ذلك، أعلنت سلطات الاحتلال اعتقال 3 فلسطينيين من مخيم عقبة جبر بأريحا في منطقة الأغوار، وقالت إنهم ضالعون في عملية إطلاق نار، تمت بعد يوم من هجوم حوارة، في أريحا الاثنين الماضي، والتي أسفرت عن مقتل إسرائيلي ـ أميركي. وذكرت «القناة 13» الإسرائيلية أن القوات الإسرائيلية اقتحمت المخيم وقتلت فلسطينيا خلال عملية المداهمة، بينما أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني عن إصابة 3 أشخاص جراء الصدامات التي اندلعت بين الأهالي والجيش الإسرائيلي.

وحاصرت قوات الاحتلال منزلاً في المخيم، واشتبكت مع مسلحين. وفي وقت لاحق، أطلقت قوات الاحتلال عدة صواريخ مضادة للدروع على منازل حاصرتها أيضاً في «عقبة».

في المقابل، دعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، أمس، لدى وصوله على رأس وفد وزاري إلى بلدة حوارة، إلى تشكيل لجان حماية شعبية في القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية للتصدي لهجمات المستوطنين الإسرائيليين. يأتي ذلك فيما أعلن رئيس بلدية حوارة معين الضميدي، أن الخسائر في البلدة الناتجة عن هجمات المستوطنين بلغت 5 ملايين دولار.

على صعيد منفصل، ألقت الشرطة الإسرائيلية قنابل صوت في تل أبيب بعدما نشبت مشاجرات في أنحاء متفرقة، أمس، خلال احتجاجات ضخمة، بمشاركة الآلاف، تعرف باسم «يوم التشويش»، بالتزامن مع مضي نواب الائتلاف اليميني في إقرار مشروع قانون «إصلاح القضاء» المثير للجدل والذي يعتبره معارضون تهديدا للديموقراطية. وهتف محتجون قطعوا الطريق السريع الرئيسي بين تل أبيب والقدس وهم يلوحون بالأعلام «إسرائيل ليست دكتاتورية، إسرائيل ليست المجر».

واعتقلت الشرطة العشرات خلال المصادمات التي تخللها استخدام أدوات فض الاحتجاجات، فيما تعهد وزير الأمن القومي بعدم السماح لمن سماهم بـ «الفوضويين» بقطع الطرق.

في المقابل، دعا رئيس المعارضة، يائير لبيد، المفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، إلى «تجاهل المحاولات السياسية الخطيرة من جانب الوزير بن غفير لتسخين الأوضاع أكثر»، متهما حكومة نتنياهو بـ «الذهاب بإسرائيل نحو الفوضى».

وجاء ذلك قبيل منح لجنة الدستور والعدالة والقانون في البرلمان موافقة مبدئية على المزيد من المقترحات التي تشملها خطة إصلاح القضاء وسط مقاطعة من نواب المعارضة للتصويت.

تدخل أميركي

ورد السفير الأميركي لدى إسرائيل توم نايدز، ليل الثلاثاء ـ الأربعاء، على وزير شؤون الشتات عميخاي شيكلي، الذي قال إن على المبعوث الدبلوماسي «الاهتمام بشؤونه الخاصة» بعد أن دعا نايدز الحكومة الإسرائيلية إلى إبطاء خطتها المثيرة للجدل لإصلاح النظام القضائي. وقال نايدز: «أعتقد أن معظم الإسرائيليين لا يريدون أن تبقى أميركا بعيدة عن شؤونهم»، مشيراً إلى الدعم الأمني والسياسي والدبلوماسي الذي قدمته واشنطن للدولة العبرية على مدى عقود.