مجموعة مسلحة تهاجم مقاطعة روسية محاذية لأوكرانيا
• موسكو تطور استراتيجية عسكرية باستخدام الأسلحة النووية للتصدي لأي عدوان أميركي محتمل
تسللت مجموعة مسلحة تطلق على نفسها «فيلق المتطوعين الروس» إلى مقاطعة بريانسك الروسية المحاذية لأوكرانيا والواقعة على مسافة 400 كيلومتر جنوب غرب العاصمة موسكو، واشتبكت مع قوات الأمن الروسية، مما أدى الى وقوع قتيل على الأقل، في حين هاجمت مسيّرات مجهولة المنطقة نفسها.
وندد «الكرملين» بـ «هجوم إرهابي»، بعدما أكدت السلطات الروسية أنها تتصدى لمجموعة من «المخربين الأوكرانيين»، فيما قال الرئيس فلاديمير بوتين إنه هجوم شنّه «إرهابيون» و«نازيون جدد»، متعهداً بالانتصار على هذا النوع من الهجمات.
وقال بوتين في كلمة متلفزة، إن الجيش الروسي «يحمي روسيا وشعبنا من النازيين الجدد والإرهابيين... أولئك الذين نفّذوا هجوماً إرهابياً جديداً اليوم، وتسللوا إلى أراضينا الحدودية وفتحوا النار على مدنيين».
وأعلنت هيئة الأمن الفدرالي الروسية عن «عملية مشتركة مع الجيش للقضاء على القوميين الأوكرانيين المتطرفين المسلحين الذين انتهكوا حدود الدولة في منطقة كليموفسك الحدودية في مقاطعة بريانسك».
من جهتها، نددت الرئاسة الأوكرانية بما وصفته بأنه «استفزاز متعمد» تمارسه موسكو. وقال مستشار الرئاسة، ميخالو بودولياك، على «تويتر»: «القصة عن جماعة التخريب الأوكرانية في روسيا هي استفزاز كلاسيكي متعمد. وتريد روسيا تخويف سكانها لتبرير غزوها لأوكرانيا» مضيفاً: «خافوا مناصريكم»، في إشارة إلى ناشطين مسلّحين يعتمدون تكتيكات حرب الشوارع.
وأكدت المخابرات الأوكرانية أن منفذي الهجوم في بريانسك معارضون من الداخل لبوتين، معتبرة أن الأحداث في بريانسك استمرار للتحول في روسيا وتحريرها من دكتاتورية بوتين.
ونفت إدارة أوديسا العسكرية الروسية تسلل قوات أوكرانية إلى بريانسك، وقالت إنه ربما تكون «مجموعة فاغنر» هي التي احتجزت الرهائن.
وتبنت المجموعة، التي اغتالت ابنة المفكر الروسي القومي ألكسندر دوغين، الذي يوصف بأنه «عقل بوتين»، الهجوم في بريانسك.
وقال المسلحون في شريطين مصورين نشرا على وسائل التواصل إنهم متطوعون روس ينتمون الى مجموعة تُدعى «فيلق المتطوعين الروس»، مؤكدين أن هدفهم ليس التخريب، بل «تحرير أرضنا الأم»، داعين الروس الى حمل السلاح لتخليص البلد من نظام بوتين «الدموي».
وقالت صفحات إعلامية روسية إنها تعرفت على أحد المهاجمين الذي ظهر في شريط مصور ويدعى دنيس نيكيتين، وهو ناشط روسي معروف مؤيد للفكر الفاشي ويقاتل الى جانب أوكرانيا.
وفي حين أفادت تقارير بأن المجموعة مكونة من 50 مسلحاً وتحتجز أكثر من 100 رهينة داخل المنازل، وفي أحد المتاجر في ليوبتشاني بالمنطقة نفسها، ألغى بوتين زيارته إلى إقليم ستافروبول، وعقد بدل ذلك اجتماعاً مع مجلس الأمن القومي الروسي.
ووفق حاكم منطقة بريانسك، ألكسندر بغماز، انتشرت قوات الأمن في جميع أنحاء سوشاني وليوبتشاني للقضاء على المجموعة المتسللة.
وقبل 3 أيام، ترأس بوتين اجتماعاً موسعاً لقادة جهاز الأمن الفدرالي، طالبهم فيه بتأمين وتعزيز التبادل مع المناطق الروسية الجديدة والانتباه للحدود الأوكرانية، ووضعها تحت مراقبة خاصة لحرس الحدود والرد على تهديد بكل الوسائل.
وفي الوقت نفسه، استهدفت القوات الأوكرانية منطقة كليموفسكي الروسية باستخدام طائرة مسيّرة أوكرانية، كما قصفت منطقة أخرى في كورسك بحسب حكام المنطقة رومان ستاروفويت.
وفي تطور آخر، نشر مؤسس مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين، مقطع فيديو من وسط مدينة باخموت أرتيوموفسك، بعد تأكيد النائب الأوكراني سيرغي راخمانين سيطرة الوحدات الروسية على المدينة من جميع الجهات، وطالب القوات المسلحة الأوكرانية بأن تتراجع على أي حال.
ضربة أميركية
وفي تصعيد مقلق، كشفت مجلة الفكر العسكري الروسية الدفاعية عن عمل روسيا على تطوير نوع جديد من العمليات العسكرية باستخدام الأسلحة النووية للتصدي لأي عدوان أميركي محتمل أن يكون ضربة نووية واسعة وسريعة.
ووفق المجلة، التي تصدر عن وزارة الدفاع الروسية، فإن الولايات المتحدة تفقد مكانتها وهيمنتها في العالم، ونتيجة لذلك أصبح مسارها العسكري السياسي تجاه روسيا أكثر عدوانية.
وقال مؤلفو المقال إن الولايات المتحدة ترى أن روسيا هي السبب الرئيس في تراجعها وفقدان سيطرتها على العالم، وأوضحوا أن «هزيمة» روسيا يتم التخطيط لها في شكل «عملية استراتيجية متعددة المجالات».
ووفق المقال، فإن الولايات المتحدة ترى أن الهدف النهائي لهذه العملية يتمثل في تدمير الإمكانات النووية الرادعة لروسيا، والتي يمكن تحقيقها من خلال نشر أنظمة دفاع صاروخي حول حدودها أو ضربة نووية واسعة وسريعة، يمكن أن تدمر 65-70 بالمئة من القوات النووية الاستراتيجية الروسية.
وقال كاتبو المقال «إن من بين الوسائل والأداة الرئيسية للتصدي لمحاولات تنفيذ خطط (البنتاغون) العدوانية لتدمير الاتحاد الروسي، يدرس الخبراء الروس بنشاط تطوير شكل واعد من الاستخدام الاستراتيجي للقوات المسلحة الروسية».
ويشير المقال إلى أنه من أجل تحقيق ذلك يفترض استخدام الأسلحة الاستراتيجية الهجومية والدفاعية، والنووية وغير النووية الحديثة، مع الاستفادة من أحدث التقنيات العسكرية.
تصادم مباشر
في الأثناء، حذّر نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف من تورّط الولايات المتحدة وحلف الناتو في حرب أوكرانيا قد يؤدي إلى تصادم مباشر مع القوى النووية له تداعيات كارثية.
وبرر ريابكوف تعليق بوتين المشاركة في معاهدة «نيو ستارت» للحد من الأسلحة النووية بأن واشنطن تستخدمها لمساعدة أوكرانيا في مهاجمة المواقع الاستراتيجية الروسية.
وفي حديثه لمؤتمر الأمم المتحدة حول نزع السلاح في جنيف، قال ريابكوف، الذي لقب حضوره احتجاجاً من بعض الممثلين الدائمين، إن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين يريدون رؤية روسيا مهزومة «استراتيجياً» في أوكرانيا، معتبراً أن المطالب الأميركية بضمان وصول المفتشين إلى المنشآت النووية الروسية ذروة للسخرية في ظل الظروف الحالية.
في غضون ذلك، حثّ المستشار الألماني أولاف شولتس، أمس، الصين على عدم إرسال أسلحة لروسيا، وطالبها بالضغط لسحب قواتها من أوكرانيا.