المصائب لا تأتي فرادى على الشعب السوري الشقيق الذي يعاني ويلات الحرب منذ أكثر من عقد من الزمان، وأضيف إلى هذه المعاناة ما أحدثه الزلزال المدمر الذي وقع منذ أيام ودمر مناطق واسعة فقتل وأصاب آلافاً وشرد مئات الآلاف، خصوصاً بعد حدوث هزات أرضية جديدة، ورغم مناشدات السوريين للمجتمع الدولي بضرورة الرفع الفوري والعاجل للحصار الجائر والإجراءات القسرية الأحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري، وتقديم يد العون والمساعدة للحد من آثار الزلزال المدمر الذي تعرضت له سورية فإن التحرك الدولي، وخصوصاً من جانب الدول الغربية لم يرتق إلى مستوى الكارثة الإنسانية التي وقعت في سورية حيث يشعر السوريون عن حق بأنهم متروكون لوحدهم.
وفي الحقيقة إذا قارنا بين التعامل الغربي مع الكارثة التي حلت بسورية وتعامله مع الأزمة الأوكرانية فسنكتشف مدى الزيف والنفاق وازدواجية المعايير، فالغزو الروسي بدأ في 24 فبراير 2022 وعلى الفور سارعت الدول الغربية إلى فرض عقوبات على روسيا وتقديم مساعدات سخية للأوكرانيين، وانعقد مجلس الأمن بعد 3 أيام فقط من بدء العملية العسكرية، ففي الحالة الأوكرانية وجدنا هرولة لمواجهة الأزمة التي لم تكن كارثة طبيعية، في حين سورية التي شهدت كارثة طبيعية وجدنا ثباتاً عميقاً ولم ينعقد مجلس الأمن إلا بعد أكثر من أسبوع من وقوع الكارثة وسط خلافات بين الأعضاء حول طرق إرسال المساعدات ودعم عمليات رفع الأنقاض وإنقاذ المتضررين ورفض لرفع العقوبات المفروضة على سورية ولو بشكل مؤقت.
لقد أثبت الغرب أنه لا يتعامل بمعايير واحدة مع الأزمات الإنسانية، وأنه يسيس الكوارث الطبيعية ويشارك على مدار السنوات الماضية في قتل وتشريد ملايين السوريين، ولم يكن بمنأى عن كارثة الزلزال الأخيرة، فيده ملطخة بدماء الضحايا الأبرياء الذين كان يمكن إنقاذ الكثيرين منهم لو توافرت معدات ووسائل الإنقاذ، فالعقوبات التي يفرضها الغرب على سورية منذ سنوات كان لها تأثير كبير على تهالك وخراب جهاز الدفاع المدني وعربات الإسعاف والإطفاء والمستشفيات، وعندما حلت هذه الكارثة بالسوريين وجدوا أنفسهم ضعفاء ولا يملكون المعدات التي تساعدهم في مواجهة الأزمات والكوارث الطبيعية، أما فيما يخص الدعم العربي للشعب السوري في تلك المحنة فكان إلى حد ما على قدر المستوى، حيث هرعت العديد من الدول العربية لتقديم المساعدات للشعب السوري، وعلى رأس هذه الدول الكويت حيث وجه سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد بإرسال مساعدات وطواقم طبية عاجلة إلى المناطق المتضررة من الزلزال في تركيا، وإدخال العديد من المساعدات للمناطق المنكوبة في شمال غرب سورية بمشاركة وزارة الخارجية وقوة الإطفاء والجيش ووزارة الصحة، وأعربت الكويت رسمياً وشعبياً عن تعاطفها وتضامنها مع الضحايا، وهذا ليس بجديد على الكويتيين الذين يقفون ويساندون الشعب السوري على مدار السنوات الماضية التي يعاني فيها ويلات الحرب والحصار، وسيواصلون تقديم الدعم والمساعدة خلال الفترة المقبلة.