الأعياد الوطنية مؤشر لثقافة الشعوب والتلاحم المجتمعي، فقد تزينت البلاد بشوارعها ومؤسساتها إيذاناً ببدء احتفالاتها بعيد الاستقلال ومروراً بعد التحرير، والهدف أن نعيش عرساً وطنياً تعم فيه مظاهر الفرح والبهجة بين أطياف المجتمع، وتجسيد روح القيم من ولاء واعتزاز وانتماء.
فالعيد عيد أمة مؤتلفة في تطلعاتها وتقدمها نحو غد مشرق، واليوم صار أشبه ما يكون عيداً للماء كما أطلق عليه، وهذا مؤشر خطير على الهوية الوطنية التي دائما تعبر عن روح الانتماء، فكانت أزمة عيد «فوضوية» من تدمير للبيئة وتلويثها واستنزاف مواردها واستخدام أعمال منافية للآداب والأخلاق شرعاً وعرفاً من بالونات معبأة بالمياه الملوثة أو جامدة «مثلجة» فأسفرت عن إصابات وخسائر مادية.
نحن مجتمع مستهتر بجدارة ولدينا من الاستهتار فنون، ولا ندرك عواقبه الوخيمة، ونشعر بالفخر بذلك، وإن التنظيم والالتزام أحد أسباب تطور المجتمعات ورقيها، وإلا ستكون الفوضى حجر عثرة في تقدم المجتمعات وبنائها.
فمن هنا لا بد من دراسة الموقف من قبل أهل الاختصاص، وتحديد حجم الخسائر التي خلفتها الأزمة الفوضوية، والاستفادة من الأخطاء في إدارة الموقف، وتعزيز نقاط القوة، وتحويل التجربة إلى درس مستفاد.
فالأزمات تبدأ بواقعة إذا لم تتم مواجهتها ومعالجتها بشكل جيد فستتحول إلى مشكلة، وقد تصل إلى كارثة إنسانية وبخسائر هائلة، وإن غياب النظرة العلمية الاستراتيجية للتخطيط تشجع الشارع على الانحراف والتسيب، بل لا بد من وجود فرق عمل للمتخصصين في الجانب (الأمني والصحي والبيئي والدفاع المدني والإعلام... إلخ) ليقدم كل واحد منهم تصوره العلمي لمواجهة الجزء الخاص به، مما يجعل من تكوين فرق العمل أمراً ضرورياً ومحبباً لدى متخذي القرار.
ويجب عدم النظر دائما للأزمة على أنها حالة سلبية أو سيئة، فقد تكون في بعض الأوقات خبرة إيجابية، حيث علمتنا هذه الأزمة وجود ناشئة لا يحفظون النشيد الوطني، ويجهلون تاريخ بلادهم، وبذلك يُدق ناقوس الخطر، لتأهيلهم إعلامياً وتربوياً، والأسرة هي الحاضنة الأولى لهم، ودمتم ودام الوطن.
* باحث في إدارة الأزمات.