هناك ألوان أخرى غير الأبيض والأسود، وهناك تصنيفات أخرى للأفراد تجاه بلدانهم غير المؤيد والمعارض، فهناك الإيجابي، والسلبي، والمنتفع، والمحايد والمُحب، نعم عزيزي القارئ، هناك من يحب بلده وحسب، ويحب أن يراه أفضل دول المنطقة.

خطأ جسيم يقع فيه الكثير من الناس عن مفهوم «الناقد»- ذلك الشخص الذي لا يعجبه شيء تماما كالمعارض فقط لفكرة المعارضة، وهذا سوء فهم في مفهوم فلسفة النقد، فالناقد في حد ذاته وبمفهومهِ الصحيح، شيء جيد، وظاهرة صحية تماما تحتاجها الدول، أي دولة تحتاج أشخاصا يقولون للشيء الصحيح إن هذا جيد، وبالمثل للشيء الخطأ إن هذا خطأ، وكل هذا يأتي مع شرح أسباب الناقد، بالرفض والقبول على حدا سواء.

Ad

وبالطبع دون توجهات مُبطنة، أو معارضة مسرحية، يوجِدُها أشخاص من باب تكملة المشهد السياسي،

فـ«الجودة هي مدى ملاءمة المنتج للهدف المُصنَّع من أجله»، ردد معي هذا التعريف الذهبي والمُختصر بل أعظم تعاريف شرح معنى الجودة على الإطلاق، الناقد يقوم بدور مراقب الجودة، لكن من دون صلاحيات، هو فقط يضع الخطوط العريضة وربما يكوِّن رأياً قد يساعد السلطات في الدولة في معرفة مكامن القوة والضعف في شتى المجالات، هذا هو مفهوم النقد الصحيح، النابع من حُب الوطن فقط.

هناك عزيزي القارئ ما يسمى «خلايا التفكير»، وهم مجموعة من الأشخاص الأكاديميين، يتناولون قضايا الدول المصيرية، يؤصلون المشكلة، ويشخِّصون المرض، ومن ثم يقومون بوصف العلاج، معظمها منظمات غير ربحية، لكن للأمانة، هناك منظمات بالطبع تُمَوَّل من أشخاص لهم مآرب أخرى في بعض الدول، وبالطبع هذا التمويل غير مُعلن، لكن ليس هذا ما نود الإشارة إليه.

عندما يقوم 29 دكتوراً أكاديمياً من جامعة الكويت بوضع ورقة بحثية في غاية الأهمية والخطورة، وتمُر مرور الكرام، والجميع منشغل بتأييد مرشحه على وسائل التواصل، فهذا لا يُنذرَ بخير، في الوقت الذي انشغل الجميع بالمصلحة الانتخابية، قدم هؤلاء الأكاديميون، ورقة اقتصادية بحثية، بمنزلة قرع ناقوس خطر، وتأصيل المشكلة الاقتصادية في الكويت، ولا عجب أنهم غير منشغلين بانتخابات أو كرسي أو سلطة، فقد وضعوا تلك الورقة البحثية المهمة، وتواروا جميعهم إلى الظل، والذي يؤرقني ويؤرق كل محب للكويت، العنوان العبقري للورقة تلك، «قبل فوات الأوان».

خذها عني عزيزي القارئ: سيستمعون لهم اليوم أو غداً، فهؤلاء الأشخاص كشفوا الداء وأصَّلوا المشكلة، وقدموا الحلول والتوصيات لتصحيح المسار الاقتصادي، دون توجيه اللوم لأحد، ودون تجريح أو شخصانية، كان كل همهم الخروج بالكويت من منعطف عدم استدامة الاقتصاد.

هذه الورقة البحثية بعنوان «قبل فوات الأوان»، مقدمة من 29 دكتورا أكاديميا من جامعة الكويت، ونشرها موقع «كويت إمباكت»، وهي موجودة على وسائل التواصل، بالله انقلوها عني لمحبي الكويت،

وذكِّروهم بقراءتها بمنتهى التجرد إلا من حُبِّ الكويت، وأبلغوهم «قبل فوات الأوان».