لبنان في عين التوترات الإقليمية... تسوية سريعة أو انفجار كبير
• دول خليجية تعارض وصول فرنجية إلى الرئاسة
وصل لبنان إلى مرحلة الفصل، حيث تتسارع الحركة الدبلوماسية في الكواليس بحثاً عن صيغة تسوية جديدة. وتصرّ القوى الدولية المهتمة بلبنان على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة من خارج السياق المعروف والمعهود، والبحث عن شخصيات جديدة.
وتستند مصادر دبلوماسية في رؤيتها هذه إلى مسألة عدم التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وتعتبر أن ذلك سينطبق على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وغيرهما، وهذا ما سينطبق سياسياً على كل الشخصيات التي لا يفترض إعادتها إلى مواقعها، والذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية واختيار رئيس للحكومة من غير المنخرطين بالصفقات والتسويات السياسية السابقة.
تحت هذا العنوان، فإن لبنان أمام مسارين، إما الوصول إلى صيغة تسوية خلال أسابيع قليلة وتحديداً قبل انتهاء ولاية سلامة في يوليو المقبل، أو أن الانهيار سيتمدد ويتوسع، وستكون البلاد مشرفة على انفجار اجتماعي بعد الانفجارات المالية، فيما يبقى التخوف من احتمال حصول توترات أمنية أو عسكرية في ظل تنامي النزعة الطائفية والمذهبية، التي تقود إلى تعطيل كل المرافق العامة ولا تزال تعيق انتخاب رئيس للجمهورية.
دولياً، هناك رؤية واضحة للبنان تتعلق بإعادة تكوين السلطة بآليات جديدة وشخصيات جديدة أيضاً، إضافة إلى وضع برنامج عمل واضح للخروج من الأزمة. لبنانياً لا تزال التجاذبات السياسية على حالها، فحزب الله وحركة أمل يتمسكان بمرشحهما سليمان فرنجية ويرفضان التخلي عنه. فيما تشير مصادر دبلوماسية إلى أن السعودية ودولة قطر لا تؤيدان انتخاب فرنجية، كما تنفي المصادر كل محاولات انعكاس ما يُسمى بالانفتاح العربي على دمشق لمصلحة فرنجية، لأنّ وضع القيادة السورية لا يسمح لها بفرض الشروط، بل بدفع الأثمان وتقديم التنازلات.
وعلى هذا الأساس، تستمر المحاولات الدولية لاجتراح تسوية داخلية في لبنان، من دون إغفال جملة عوامل أساسية لا بدّ لها أن تنعكس على الساحة اللبنانية، وسيكون لها تأثّر واضح، خصوصاً في ظل ارتفاع منسوب التهديدات الإسرائيلية لإيران والمواقف الأميركية التي تشير إلى أن طهران اقتربت من إنتاج قنبلة نووية. وهذا لا يمكن فصله عن التوترات التي تعيشها الحكومة الإسرائيلية في الداخل، سواء بسبب الصراعات الإسرائيلية - الإسرائيلية، أو بفعل العمليات التي يقوم بها فلسطينيون بالداخل. هذه التطورات يمكن أن تدفع إسرائيل للذهاب إلى خيارات غير محسوبة تؤدي إلى اشتعال الوضع في المنطقة. ولعل ذلك يكون الطريقة الوحيدة للالتفاف على الأزمات الداخلية من خلال الذهاب إلى حرب أو معركة تستدعي وحدة إسرائيلية داخلية لتلافي الأزمات والانقسامات.
في المعطيات الدبلوماسية، فإن التواصل بين الدول العربية والدول الغربية يتركز على ضرورة البحث عن أي مسعى لسحب فتيل التصعيد الإسرائيلي تجاه إيران أو حزب الله، في ظل التقارير التي تفيد عن استعداد إسرائيلي لتكثيف العمليات الأمنية والعسكرية ضد مواقع إيرانية داخل إيران أو داخل سورية، مما قد يؤدي إلى تصعيد الوضع العسكري في المنطقة. وتضيف المصادر الدبلوماسية لـ «الجريدة» أن الجميع في لبنان ينتظر تطورات الوضع الإقليمي، وهناك اتصالات مكثفة بعيدة عن الأضواء تجرى بين السعوديين والإيرانيين والفرنسيين والقطريين والمصريين والأميركيين، وسط محاولات لتجنّب أي تصعيد في المنطقة. الملف اللبناني حاضر في هذه الاتصالات، إضافة إلى ملف منع حصول أي تصعيد بالمنطقة، وتقول المصادر الدبلوماسية إن القوى الدولية تأمل في الوصول إلى صيغة اتفاق بحدود الشهر المقبل لفتح مسار البحث عن حلول تفصيلية، وفي حال لم يحصل ذلك، فإن مؤشرات الانفجار ستكون كبيرة.