«الوطني»: عام 2022 الأصعب على الاقتصاد العالمي
قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن عام 2022 كان من أصعب الفترات التي مرّ بها الاقتصاد العالمي، فبعد تداعيات الجائحة التي عصفت بالنمو العالمي على مدار العامين الماضيين، شهد 2022 بداية حرب في أوروبا وموجة أخرى من تفشّي فيروس كوفيد- 19 في الصين، الأمر الذي أثّر سلباً على سلاسل التوريد، وأدّى إلى ارتفاع كبير في الأسعار في أنحاء العالم كافة.
وفي إطار المساعي الرّامية لكبح التضخم، شرعت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم في تشديد السياسة النقدية، ورفعت أسعار الفائدة إلى مستويات لم نشهدها منذ 15 عاماً. كما ارتفع الدولار الأميركي مقابل معظم عملات الأسواق الناشئة الرئيسية الأخرى ووصل مؤشر الدولار إلى أعلى مستوياته المسجلة في 20 عاماً.
الحرب
وقد نتج عن هذا الصراع عواقب وخيمة امتد أثرها خارج حدود القارة الأوروبية. وحاولت الولايات المتحدة بالتعاون مع حلفائها الأوروبيين والعالميين إضعاف الاقتصاد الروسي من خلال فرض العقوبات وتقييد الأنشطة التجارية.
ونتج عن ذلك انخفاض الصادرات الروسية من النّفط والغاز، مما أدى إلى زيادة أسعار الطاقة، وأسهم في ارتفاع معدلات التضخم. وإضافة إلى ذلك، تأثّرت بشدة صادرات أوكرانيا من المنتجات الزراعية، والتي تعتبر بالغة الأهمية في أجزاء متعددة من العالم، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية. وترافق انقطاع سلسلة التوريد الناتج عن ذلك إلى جانب الاضطرابات المرتبطة بتداعيات تفشي فيروس كوفيد- 19 (خاصة بالنسبة للسلع القادمة من الصين)، مع زيادة أسعار الشحن وتكاليف التأمين، مما أدى إلى تفاقم أزمة التضخم العالمي.
أوروبا
واجهت منطقة اليورو رياحاً معاكسة عصفت بها بشدة، وشعرت بالعبء الأكبر من تبعات الحرب الروسية - الأوكرانية. وعلى الرغم من الاعتماد الكبير على الغاز الروسي، فقد وضع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلفاؤها حداً أقصى لسعر صادرات الطاقة الروسية.
وقد أدت تلك الخطوة إلى زيادة الضغوط التضخمية، وذلك نظراً لأن دول منطقة اليورو اضطرت لإيجاد مصادر أخرى للطاقة بتكلفة أكبر بكثير، وإضافة إلى ذلك، ارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية بشكل كبير مع انخفاض الصادرات الأوكرانية وارتفاع أسعار الأسمدة إلى مستويات قياسية.
ونتيجة لذلك، وصل معدل التضخم في منطقة اليورو إلى 10.7 بالمئة في أكتوبر 2022. وتمثّلت استجابة البنك المركزي الأوروبي في رفع سعر الفائدة الرئيسي بوتيرة تراكمية بلغت 250 نقطة أساس منذ يوليو 2022، مما أدى إلى الخروج من سياسة أسعار الفائدة السلبية للمرة الأولى منذ عام 2014، ليصل سعر الفائدة إلى 2.50 بالمئة في فبراير 2023.
المملكة المتحدة
تعرّضت المملكة المتحدة لعدد لا يحصى من المشاكل على مدار عام 2022، بما في ذلك أزمة الطاقة والركود الناجم عن التضخم وفوضى القيادات السياسية. وعلى خلفية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ووجدت المملكة المتحدة نفسها في مواجهة أزمة غاز وكهرباء أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم الذي بلغ ذروته عند مستوى 11.1 بالمئة في أكتوبر 2022. ورفع بنك إنكلترا سعر الفائدة 10 مرات متتالية، ليصل إلى 4.0 بالمئة في فبراير 2023. وأدى ارتفاع معدلات التضخم ورفع سعر الفائدة في وضع الأسر بالمملكة المتحدة في موقف صعب، وسط تصاعد الضغوط على القوة الشرائية. ونتج عن ذلك انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2 بالمئة في الربع الثالث من عام 2022.
«الفدرالي»
ارتفع معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياته المسجلة في 40 عاماً، وبلغ ذروته عند مستوى 9.1 بالمئة في يونيو 2022. واضطر مجلس الاحتياطي الفدرالي إلى اتخاذ تدابير قوية، نظراً لأنّ رفع سعر الفائدة مبدئياً بمقدار 25 و50 نقطة أساس في مارس ومايو، لم يسفر عن أي نتائج في كبح التضخم.
تبع ذلك تطبيق 4 زيادات متتالية في أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، وزيادة إضافية بمقدار 50 نقطة أساس عام 2022، و25 نقطة أساس أخرى عام 2023، مما أدى إلى وصول سعر الفائدة الفدرالية إلى 4.75 بالمئة في فبراير 2023.
اليابان
وقد عانى الاقتصاد الياباني اضطرابات شديدة عام 2022، حيث وصل التضخم إلى أعلى مستوياته خلال عقد من الزمان، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من العام، هذا إلى جانب سياسات البنك المركزي غير المتوقعة. وكان بنك اليابان أحد البنوك المركزية الوحيدة على مستوى العالم التي واصلت اتباع سياسة نقدية تيسيرية خلال فترة ارتفاع معدلات التضخم، إذ ارتفع معدل التضخم الأساسي إلى 4 بالمئة، فيما يعد أعلى المستويات المسجلة في 40 عاماً.
الصين
عانى ثاني أكبر اقتصاد في العالم تزايد حالات الإصابة بفيروس كوفيد- 19 وما نتج عن ذلك من عمليات إغلاق مقيدة للغاية. كما تبع ذلك صدور أحد أسوأ قراءات النمو، إذ نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3 بالمئة مقارنة بالمستوى المستهدف والمحدد بنسبة 5.5 بالمئة. كما أدت سياسة «صفر كوفيد» إلى تعرّض سلسلة التوريد العالمية للمزيد من الاضطرابات، وتراجعت قيمة العقارات، وضعف الطلب الاستهلاكي، وتصاعدت وتيرة حرب الرقائق مع الولايات المتحدة.