بعض الكتاب والمغردين الوهميين المعلومين منهم موجهون، فما إن يسمعوا خبراً إلا تكون تصريحاتهم جاهزة وكأنهم مطلعون على جداول ومحاضر مجلس الوزراء، وبغض النظر عن مدى مصداقيتهم فإن إذاعة مثل هذه الأخبار سواء كانت صحيحة أو كاذبة فهي بكل الأحوال مربكة للشارع، والمشكلة أن صدى أخبارهم يصل إلى الشارع وعند أعلى المستويات.
هناك نوع آخر ممن نصّبوا أنفسهم وكلاء لصكوك الوطنية يخلعونها وينزعونها عمن يشاؤون، مرة يرفعونك إلى السماء ومرة ينزلون بك إلى أسفل سافلين، ناهيك عن أن بعضهم قد امتهن التهجم على أعراض الناس والنيل من شرفهم بوصفهم بصفات يعف اللسان عنها.
هؤلاء لا أظنهم قد قرأوا مفهوم الوطنية، وأن الولاء لتراب الوطن يقاس بحجم التضحيات في أيام الشدة، أما في أيام الرخاء فيقاس بالعطاء، والإخلاص، والنزاهة، والصدق، ومن المؤكد أن هذه المجموعة قد ضاقت عليهم أنفسهم من الحسد فلا يطيقون أن يروا الخير في أيدي غيرهم، وكأن الآيتين (72-73) الكريمتين اللتين جاءتا في سورة النساء لم تكفياهم ليتعظوا منهما: «وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَـنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً(73)».
صحيح أن سائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة قد شهدت انفتاحاً وتطوراً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية حتى أصبحت واقعاً نعيشه، مما أتاح للفرد الواحد إطلاق منصته الإعلامية الخاصة فيه ليعبر من خلالها عن رأيه، ويرصد كل ما يدور حوله من مواضيع تلامس حياته اليومية.
بين فترة وأخرى يطل علينا حساب شخصي يختار في البداية قضية تكون محل اهتمام المجتمع ليظهر بثوب الإصلاحي الوطني، ثم ما يلبث أن يتحول ليدخل في دائرة الابتزاز وحفلات التشهير والتلميع لحساب هذا الطرف أو ذاك.
على الطرف الآخر هناك حسابات أصحابها متمرسون في الكتابة مهمتهم استفزاز أو إثارة المتابعين بالرد عليهم بعبارات وكلمات يجرمها القانون، ومن ثم يبدأ برفع القضايا أمام المحاكم ومطالبتهم بدفع مبالغ مقابل التنازل عنها.
هذه الحسابات أصبحت مصدر إزعاج للسلطة والبرلمان والشعب على حد سواء، والسكوت عنها مثير للكثير من علامات الاستفهام، فبعض ما يكتب لا يمكن قبوله إلا إذا!!!
والشعوب الحية هي التي تعبر عن رأيها بالنقد البناء وبيان الحقائق، أما التطاول على كرامات الأفراد ونشر الأمور الشخصية فهو من صفات الجبناء.
ودمتم سالمين.