تونس: «الشغل» يتظاهر وسعيّد يحذر من مشاركة «الأجانب»
• مالي وساحل العاج تجليان المئات من مواطنيهما على خلفية «أزمة التركيبة السكانية»
تظاهر الآلاف من أنصار «الاتحاد العام التونسي للشغل» في العاصمة، أمس، تنديداً بـ «استهداف الحريات النقابية والعامة»، في وقت انتقد نورالدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد النقابي النافذ، خطاب الرئيس التونسي قيس سعيّد الأخير، الذي حذَّر فيه من مشاركة أجانب في التظاهرات، وتطرقه إلى أحداث «الخميس الأسود» الدامية التي وقعت خلال تظاهرات للاتحاد في عام 1978.
وتعليقاً على تحذيرات سعيّد، قال الطبوبي، خلال كلمة ألقاها في التجمع العمالي ببطحاء محمد علي بالعاصمة، إنه كان يتمنى أن «يستمع إلى خطاب يزرع الطمأنينة، ويوحد الشعب حول الخيارات الوطنية»، لكنه استمع إلى «رسائل مشفرة تشيطن الاتحاد»، مشدداً على أن «تونس الحرية لن يطول فيها استبداد مهما كانت التكاليف. الاستبداد سينكسر على صخرة الاتحاد».
وتابع: «لن نسمح لأحد أن يزايد على المنظمة، فاستقلالية القرار الوطني شعارنا». وكان سعيد حذَّر «اتحاد الشغل» من التسامح مع مشاركة أجانب في تظاهرته، مؤكداً أن «تونس ليست أرضاً بلا سيّد».
وأضاف: «الاتحاد حُر في تنظيم التظاهرات، لكنه ليس حُراً في أن يدعو الأجانب للمشاركة فيها».
وتأتي هذه التحركات وسط توتر متصاعد بين المنظمة النقابية ومؤسسة الرئاسة على خلفية الوضع المعيشي.
وتتهم المنظمة النقابية السُّلطات بالسعي إلى رفع الدعم عن المواد الأساسية، وبيع مؤسسات القطاع العام، تنفيذاً لشروط صندوق النقد الدولي، ومحاولة استهداف المنظمة والعمل النقابي، فيما يحمّل الرئيس التونسي أطرافاً عدة مسؤولية ما يصفه بـ «التآمر على أمن الدولة، والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار»، بعد شن السُّلطات لحملة اعتقالات طالت العديد من عناصر حركة النهضة الإسلامية، وشملت رجال قضاء وسياسيين ونشطاء.
جاء ذلك، فيما بدأت أمس عمليات إجلاء نحو 300 مهاجر من مالي وساحل العاج من تونس إلى بلادهم، بمبادرة من الدولتين، عقب تصريحات لسعيّد حذَّر فيها من مخطط لتغيير التركيبة السكانية في البلاد عبر المهاجرين غير القانونيين من دول جنوب الصحراء.
وقال سفير ساحل العاج في تونس إن عدد المسجلين هو 1100 شخص حتى الآن، وتتكون المجموعة الأولى من 145 راكباً، وغادرت أمس على خطوط دولة ساحل العاج.
ويقدَّر عدد الجالية التابعة لساحل العاج في تونس بنحو 7 آلاف شخص، وفقاً لإحصاءات رسمية.
كما استأجرت دولة مالي طائرة لإعادة ما يقرب من 150 شخصاً.
وهذه الرحلات هي الأولى منذ خطاب سعيّد الأسبوع الماضي، الذي شدد فيه على وجوب اتخاذ «إجراءات عاجلة» لوقف تدفق المهاجرين.
ونددت منظمات حقوقية تونسية ودولية عدة بتصريحات سعيّد، واعتبرت خطابه «عنصرياً» و«يدعو إلى الكراهية». وكانت غينيا أجلت عدداً من مواطنيها في تونس، الأربعاء.
ويبلغ عدد المهاجرين من دول جنوب الصحراء المسجلين رسمياً في تونس 21 ألف مهاجر، معظمهم في وضع غير قانوني، فقد معظمهم الوظيفة عقب تصريحات سعيد، وطردوا من منازلهم بين ليلة وضحاها.
وقد تسبَّب هذا الوضع المشحون في تدفق عشرات المهاجرين إلى سفاراتهم، خصوصاً ساحل العاج ومالي.
كما توجه مهاجرون من بلدان ليست لها سفارات في تونس إلى مقر المنظمة الدولية للهجرة، حيث نصبوا خياماً، وتمركزوا أمام المقر، لضمان حمايتهم.
ووفق أحد الدبلوماسيين، فقد أعلنت تونس أنها ستتراجع عن مطالبة المهاجرين غير القانونيين بدفع غرامات مالية مقابل الإقامة بشكل غير قانوني في البلاد، وتقدر بنحو 25 يورو شهرياً، إذ تراكمت الغرامات على بعض المهاجرين، لتصل إلى أكثر من ألف يورو، وهم لا يقدرون على سدادها.
ومن بين المهاجرين العائدين طوعاً، عشرات الطلاب المنتمين إلى عائلات ثرية، أو من الحاصلين على منح دراسية من الدولة والتحقوا بجامعات خاصة مرموقة في العاصمة التونسية.