أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمس، في كينشاسا، بجمهورية الكونغو الديمقراطية المحطة الأخيرة من جولته في إفريقيا، أنه رأى «دعما واضحا» من جميع أطراف النزاع هناك، لوقف إطلاق النار بعد غد الثلاثاء في شرق البلاد، رغم أن جهوده لإحلال السلام بشرق البلاد في مواجهة تمرد «حركة 23 مارس»، تواجه معارضة.

وأكد ماكرون أن الكونغو الديموقراطية، التي تعاني مناطقها الشرقية أعمال عنف ناجمة عن تمرد «لا ينبغي أن تكون غنيمة حرب»، مؤكدا: «لا نهب ولا بلقنة ولا حرب».

Ad

ويختتم الرئيس الفرنسي جولته التي شملت الغابون، وأنغولا، والكونغو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية بالرسالة نفسها، ومفادها أن فرنسا القوة الاستعمارية السابقة التي تواجه معارضة متزايدة في القارة، تريد تطوير علاقة جديدة مع إفريقيا قوامها «التواضع»، وشراكات «مسؤولة ومتوازنة».

وعشية زيارته، أكدت حركات مواطنين أن ماكرون «غير مرحب به في جمهورية الكونغو الديمقراطية». وحاول شبان من دون أن ينجحوا، مهاجمة موكبه عند مغادرته مطار كينشاسا مساء أمس الأول.

وتجمع عشرات الأشخاص الذين كانوا قد تظاهروا في كينشاسا الأربعاء الماضي، احتجاجا على وصول الرئيس الفرنسي، رافعين أعلاماً روسية مرة أخرى صباح أمس لمسيرة باتجاه أحد مواقع زيارته. وذكر صحافيون أن الشرطة فرقتهم بسرعة واعتقلت قادتهم.

وبالتزامن مع هذه الزيارة، أعلن الاتحاد الأوروبي أمس إنشاء جسر جوي إنساني إلى غوما لدعم سكان شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية الذين يواجهون «حركة 23 مارس» المتمردة، والإفراج عن مساعدات بقيمة 47 مليون يورو.

ووصل الرئيس الفرنسي مساء الجمعة إلى كينشاسا عاصمة أكبر دولة فرانكوفونية في العالم، المدينة الهائلة التي يبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة، والمعروفة ببزات الرجال الملونة وموسيقى ورقص «الرومبا» بقدر ما تشتهر باختناقاتها المرورية. والتقى أمس نظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي في «قصر الأمة» في حي المباني الرسمية والسفارات.

وتخلل الزيارة محطات رمزية مع تصميم ماكرون على تعزيز الشراكة مع هذا البلد الرائد الواقع في وسط إفريقيا في مجالات الصحة والثقافة، حيث التقى بفنانين ورجال أعمال، والبروفسور جان جاك مويمبي، الذي اكتشف فيروس «إيبولا».

وفي سبتمبر الماضي، حاول ماكرون القيام بمهمة مساع حميدة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لبدء خفض للتصعيد في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وكما هو الحال في الصراع في أوكرانيا الذي حاول عبثاً تجنبه في بداية 2022، لعب دور الوسيط في اجتماع بين الرئيس الكونغولي ونظيره الرواندي بول كاغامي المتهم بدعم التمرد.

وشددت الرئاسة الفرنسية بعد ذلك على نجاح دبلوماسي في نزاع مستمر منذ نحو 30 عاما، لكن حركة التمرد استأنفت تقدمها منذ ذلك الحين، رغم وساطة قامت بها أنغولا وكينيا أيضا.

ويواجه ماكرون اتهامات بالانحياز لكغامي بعد السنوات السوداء التي أعقبت الإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا في 1994، واتهامات لفرنسا بالتورط في حمام الدم هذا.دانت باريس دعم رواندا لـ «حركة 23 مارس»، لكن شكوك كينشاسا بشأن موقف فرنسا لم تتبدد، ويطالب الكونغوليون باريس بمعاقبة كيغالي.

وفي الطرف الآخر من البلاد، في الشرق، تظاهر نحو عشرين شخصًا من دون حوادث أمام المعهد الفرنسي في بوكافو عاصمة مقاطعة جنوب كيفو، احتجاجا على «نفاق» فرنسا.