في الولايات المتحدة، أثبت التضخم أنه أكثر رسوخاً مما توقعه الكثيرون، إلى جانب تدهور المعنويات وانخفاض ثقة المستهلك الأميركي بصورة غير متوقعة حيث طغى ارتفاع الأسعار ومستوى المخاوف بشأن آفاق النمو على قوة سوق العمل في المدى القريب.

وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، انخفض مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن كونفرنس بورد إلى 102.9 في فبراير مقابل 106 في يناير. وكان من المتوقع أن يرتفع المؤشر إلى 108.5. ويعكس تراجع مستويات الثقة الآراء الأكثر تشاؤماً بشأن سوق العمل والدخل وظروف أنشطة الأعمال خلال الستة أشهر المقبلة.

Ad

وعلى صعيد أنشطة الأعمال، فعلى الرغم من مواصلة النمو، فإن المصنعين الأميركيين شهدوا تباطؤ وتيرة الطلبيات مقارنة بالعام الماضي. وكشف أحدث مسح صادر عن مجلس الاحتياطي الفدرالي في ريتشموند، عن تراجع ظروف العمل وفقاً لمؤشر ريتشموند الصناعي في فبراير. إذ انخفض المؤشر التصنيعي المركب من -11 نقطة في يناير إلى -16 نقطة في فبراير. وانخفض المؤشر الذي يعتبر مقياساً لتوقعات المستهلكين لمدة ستة أشهر، إلى 69.7، فيما يعد أدنى مستوياته المسجلة منذ يوليو 2022. ويواجه النشاط الصناعي في الولايات المتحدة رياحاً معاكسة نتيجة لتباطؤ وتيرة الطلب وارتفاع تكاليف الاقتراض. وتقلصت الأنشطة للشهر الرابع على التوالي في فبراير على الرغم من تسجيل تحسن هامشي مقارنة بالشهر السابق. وارتفعت قراءة مؤشر القطاع الصناعي الصادر عن معهد إدارة التوريدات بشكل طفيف إلى 47.7 الشهر الماضي مقابل 47.4 في يناير، إلا أنه لا يزال في منطقة الانكماش.

وقال مسؤولو مجلس الاحتياطي الفدرالي إن التضخم في الولايات المتحدة ناتج عن مجموعة معقدة من الظروف غير المسبوقة، وأنه قد يستغرق وقتاً أطول حتى ينخفض. وأقر المسؤولون بأن أسعار الفائدة بحاجة إلى رفعها بوتيرة أعلى وإبقائها مرتفعة حتى العام المقبل للحد من التضخم في الولايات المتحدة. وصرح رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، بأن أسعار الفائدة يجب رفعها لتتراوح في حدود بين 5% إلى 5.25% والاحتفاظ بها عند هذا المستوى «حتى عام 2024». وحذر رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول من أن ضيق سوق العمل سيقلل من حدة ضغوط الأسعار المستمرة.

وبدأ مؤشر الدولار الأميركي تداولات الأسبوع عند مستوى 105.26 وبعد أن تحرك قليلاً تمكن من إنهاء تداولات الأسبوع منخفضاً، ليغلق عند مستوى 104.52.

ضغوط الأسعار

وارتفعت في منطقة اليورو معدلات التضخم بوتيرة أعلى وتزايدت ضغوط الأسعار التي أكدت ترسخها مع عدم وجود مؤشرات على التراجع. واستمر ارتفاع معدلات التضخم الكلي والأساسي خلال شهر فبراير في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا. ففي ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، لم يتغير معدل التضخم عن مستويات شهر يناير واستقر عند مستوى 8.7% على أساس سنوي في فبراير. وفي فرنسا، قفزت الأسعار على أساس سنوي من 6% في يناير إلى 6.2% في فبراير. وفي إسبانيا، ارتفعت الأسعار على أساس سنوي من 5.9% في يناير إلى 6.1% في فبراير، حتى بعد أن خفضت الحكومة الإسبانية الضرائب على السلع الأساسية. وبصفة عامة، ارتفع معدل التضخم على خلفية ارتفاع تكاليف الكهرباء والمواد الغذائية والخدمات. وفي منطقة اليورو ككل، انخفض معدل التضخم الكلي على أساس سنوي هامشياً من 8.6% في يناير إلى 8.5% في فبراير، إلا أنه كان أعلى من التوقعات التي أشارت إلى وصوله إلى 8.3%. وعلى الرغم من ذلك، ارتفع معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة، من 5.3% إلى 5.6% على أساس سنوي.

وتسلط أحدث تقارير التضخم الضوء على الصعوبات التي ستواجه البنك المركزي الأوروبي خلال الفترة القادمة. وساهم ارتفاع القراءات بتعزيز عملية رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس يخطط لها البنك المركزي الأوروبي في اجتماعه المقبل ودعم موقف المسؤولين الذين ينادون بتطبيق المزيد من الزيادات الكبيرة فوق الحد المطلوب لكبح التضخم.