«التحكيم التجاري» يعقد ندوة مع «الفتوى والتشريع»
• بعنوان «الوساطة والتحكيم المؤسسي في الكويت»
عقد مركز الكويت للتحكيم التجاري التابع لغرفة تجارة وصناعة الكويت، اليوم، ندوة علمية بعنوان «الوساطة والتحكيم المؤسسي في الكويت - توقعات محلية - توجهات إقليمية - ممارسات دولية»، والتي أضحت أهميتها التنموية جلية، لما لها من دور كبير وفعال في حل المنازعات التجارية واجتذاب الاستثمارات الدولية.
وصرح رئيس مجلس إدارة المركز، عبدالله الشايع، بأن الحرص على عقد هذه الندوة كان بغية رفع الوعي القانوني للمشاركين في مجال التوفيق والوساطة، وذلك لدراسة حالة تهدف إلى توعية المتدربين بعملية التفاوض بين التقاضي والتحكيم والوساطة، كما أن هذه الندوة ستمكن المشاركين من تعميق فهم التوفيق والوساطة في مجال التسوية البديلة لحل المنازعات، ولما لهما من قيمة بالنسبة إلى المجتمعين القانوني المحلي والدولي، وكذلك أهمية الموضوع التي طرحته هذه الندوة ينبع من حاجة قواعد التوفيق والتحكيم إلى التطوير المستمر لمواكبة التغيّرات المتسارعة في عالم الاستثمار والأعمال، وما تشهده حركة التجارة العالمية من انفتاح وتشابك وتسارع انتقال الأموال والخدمات بين الدول.
ولقد حرص الفكر القانوني على مواكبة هذه التطورات بما يناسبها من وسائل وخدمات قانونية، وما تتطلبه من آليات للفصل في النزاعات الخاصة بالتجارة الدولية التي تنشأ بين رعايا الدول بصفاتهم الشخصية أو الاعتبارية.
وأضاف الشايع أن التوفيق والوساطة يمثّلان آلية بديلة لتسوية المنازعات (ADR)، وهما أقل تكلفة من التقاضي، ويمكنهما حل النزاعات في مرحلة مبكرة من الخصومة، وحتى بالنسبة إلى النزاعات الأكثر عمقاً وتعقيداً، يوفر كل من التوفيق والوساطة إجراءات ترفع من مستوى التواصل، وتعزز الثقة، ومن شأنها حل النزاعات بمقتضى اتفاقيات قابلة للاستمرارية والتنفيذ، وغالباً ما تحافظ على سمعة الأطراف والعلاقات التجارية بين الشركات ورجال الأعمال والمستهلكين، حيث إنه من أسرار النجاح في العلاقات التجارية وسيط محترف وأشخاص مناسبون حول طاولة الحوار.
كما أشار الشايع إلى أنه إذا كانت الغاية من اللجوء إلى الوساطة هي ضمان الوصول إلى حل سريع نابع من أطراف النزاع يحقق مصالحهم، وينأى بهم عن بلوغ مرحلة التقاضي، لما تمثّله من إجراءات معقّدة وطويلة يصعب التنبؤ بنتيجتها، فإن الحاجة إلى تنظيم إجراءات الوساطة تظل دائماً من الأولويات التي تكفل تحقيق التوازن بين حقوق أطرافها والتزاماتهم تحقيقا للأهداف المرجوة منها.
يُذكر أنه حاضر بالندوة الخبير الدولي في الطرق البديلة لحل المنازعات، د. عماد الدين حسين، وهو زميل المجمع الملكي البريطاني للمحكمين المعتمدين (FCIArb) ووسيط معتمد (Accredited Mediator) من مركز التسوية الفعالة للمنازعات (CEDR) ومقرهما لندن بالمملكة المتحدة، وقد شارك بالندوة مستشارو ومحامو إدارة الفتوى والتشريع ونخبة من الحضور متعددي المشارب من اقتصاديين وقانونيين ومهندسين وغيرهم من المتخصصين في مجالات أخرى.
وتطرّق المحاضر إلى عدة محاور منها الوساطة الدولية التي أظهرت أن هناك إشكالية كبيرة في اللجوء إلى قضاء الدولة لتسوية المنازعات، حتى في أكثر الدول تقدماً، حيث لا يمكن إنكار أهمية البحث عن وسائل بديلة للوصول إلى العدالة التي تفتقدها اليوم مؤسسات العدالة في الدولة، وينشدها كل من الفرد والإدارة، لافتاً النظر إلى أنه من الأهمية بمكان دراسة الطرق البديلة المستحدثة لتسوية المنازعات التجارية في التشريعات المقارنة، مع بيان طريقة تطبيقها من قبل المحاكم في تلك الدول التي تنطوي على أهمية بالغة، وذلك لأنها قد تسهم بشكل أو بآخر في محاولة القضاء على إشكالية بطء التقاضي.
وعلى صعيد المجتمع القانوني الدولي، شهدت السنوات الأخيرة، مفاوضات حول اتفاقية جديدة بشأن الوساطة تهدف إلى تعزيز اللجوء إلى هذه الآلية البديلة لتسوية المنازعات. وقد اعتمدت اتفاقية الأمم المتحدة بشأن اتفاقات التسوية الدولية المنبثقة من الوساطة والتي تعرف أيضاً باسم اتفاقية سنغافورة في شأن الوساطة عام 2019، ووقّعت الاتفاقية من قبل 53 دولة، ومع ذلك لم تدخل حيّز التنفيذ سوى في 6 دول، وقد وسعت اتفاقية سنغافورة من نطاق الاعتراف الدولي بالسبل البديلة لتسوية للمنازعات وإنفاذها، وتنشئ هذه الاتفاقية اعترافًا بالتسويات القائمة على الوساطة وإنفاذها من أجل تعزيز اللجوء إلى الوساطة لحل النزاعات الدولية.
وعلى هامش الندوة، استقبل الأمين العام للمركز، رئيس محاكم مركز دبي المالي العالمي ورئيس قضاة ماليزيا سابقاً، القاضي زكي عزمي، والوفد المرافق له، والذين شاركوا في الندوة، معربين عن سعادتهم بوجودهم بالكويت، وموجهين الشكر لغرفة تجارة وصناعة الكويت متمثلة في مركز الكويت للتحكيم التجاري على حفاوة الاستقبال، راجين للجميع نجاح المسعى وتوفيق الجهود، حيث تهدف هذه الزيارة لإقامة جسور التعاون بين الطرفين، وذلك بهدف تبادل الخبرات ورفع مستوى الأداء وتعزيز وتهيئة بيئة الاستثمار وتحقيق الأهداف الوطنية المشتركة.