على متن قطار التكنولوجيا الذي يسير بأقصى سرعته في القرن الحادي والعشرين، وفي بلد تعددت تطبيقاته التكنولوجية لتسهيل المعاملات، ورغم تعالي أصوات الجميع بضرورة القضاء على الفساد، علمت «الجريدة»، من مصادرها، أن تأخر إصدار 250 ألفاً من البطاقات المدنية للوافدين، يقف وراءه «مافيا» تعبث بالهيئة العامة للمعلومات المدنية، وتتعمد، بإيعاز من أحد مسؤولي الهيئة، تأخير بطاقات الوافدين فقط من أجل ابتزازهم، والحصول من المضطرين منهم، على نحو 50 ديناراً لتسهيل إصدارها، في وقت تصدر بطاقات المواطنين وخدمهم بأيام قليلة كي لا ينكشف أمرها.

وقالت المصادر إن العقل المدبر لتلك المافيا يدير مجموعة من رجال أمن مبنى الهيئة الذين يتفاوضون مع صاحب العلاقة ليحصلوا منه على الرشوة وإيصالها للمسؤول، مشيرة إلى أنه يدرك مدى ضعف تلك الفئة، ولهذا حرص على استبعاد بطاقات المواطنين وعمالتهم المنزلية من التأخير، وإلا لافتضح أمره مبكراً.

Ad

وأضافت أن فترة انتظار أسر الوافدين لبطاقاتهم تجاوزت 9 أشهر من تاريخ دفع رسوم الخدمة، في حين انتهت إقامات آخرين دون أن يتسلموا بطاقاتهم رغم دفعهم 5 دنانير رسوم الإصدار، لافتة إلى أن ذريعة رجال هذه الشبكة المعلنة للجماهير دائماً هي وجود ضغط على الخدمة، ما يضطر صاحب الحاجة إلى دفع رشاوى للحصول على بطاقاته من الباب الخلفي.

وذكرت أن شرارة فكرة التأخير واستغلال الأزمات بدأت مع بداية أزمة «كورونا» التي يبدو أنها لم تنته حتى الآن في «المعلومات المدنية» رغم وجود كميات كبيرة للبطاقات جاهزة للطباعة، مشيرة إلى أن الهيئة ابتعثت وفوداً لزيارة بولندا، مقر الشركة الأم للحصول على المادة الخام، إلا أن الانتظار مازال سيد الموقف، ومازال ابتزاز الوافدين جارياً حتى إشعار آخر.

في موازاة ذلك، رأى مراقبون أن هذا التشكيل العصابي، ليس هو المرض ذاته بل العرض، مبينين أن ما أوصل الحال إلى ما وصلت إليه وهيأ التربة المؤسسية لإنبات هذه النبتة السامة، هو تراخي هيبة الدولة وانعدام الرقابة على المسؤولين، ولاسيما فيما يتعلق بالفئات المهيضة الجناح، التي ليس لها ترف حق الاعتراض.

ورأى المراقبون أن بدعة الابتزاز وتلقي الرشوة ما هي إلا بداية الحريق الذي إن توسع فسيحرق الأخلاق ويحرق المؤسسات وينخر في قواعد المجتمع، «وعليه نرفع لافتة تحذير ونطلق جرس إنذار بأن تأخذ الدولة على أيدي المرتشين، وتعاملهم بأقصى ما يسمح به القانون، لنزيل هذه الصورة العبثية التي تشوه المؤسسات الكويتية قبل أن يحدث ما لا يمكن تداركه»..