مع إلقاء الجيش الروسي بكل ثقله لانتزاع باخموت من القوات الأوكرانية، وجه مؤسس مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين سهام النقد من جديد للقيادة العسكرية، مؤكداً أن قواته تشدد قبضتها الآن على المدينة لكنها لا تحصل على احتياجاتها من الذخيرة، ومحذراً من أنه إذا أجبر على التراجع فستنهار هذه الجبهة بأكملها.
وفي مقطع مصور مدته أربع دقائق تقريباً بثه بداية الأسبوع، قال بريغوجين، المعروف باسم طباخ الرئيس فلاديمير بوتين: «إذا انسحبت فاغنر من باخموت الآن فستنهار الجبهة بأكملها، لن يكون الوضع طيباً لجميع التشكيلات العسكرية التي تحمي المصالح الروسية».
وفي المقطع المصور، أعرب بريغوجين، الذي اتهم في 21 فبراير وزير الدفاع سيرغي شويغو وآخرين «بالخيانة» لحجب إمدادات الذخيرة عن قواته، عن قلق قواته من أن موسكو تريد جعلها كبش فداء محتمل إذا خسرت الحرب، وقال: «إذا انسحبنا، فسندخل التاريخ إلى الأبد بوصفنا الأشخاص الذين اتخذوا الخطوة الرئيسية نحو خسارة الحرب».
ويوم الجمعة، أكد بريغوجين أن وحداته «طوقت عملياً باخموت، لكنه شكا يوم الأحد من أن معظم الذخيرة التي وعد بها في فبراير لم يتم شحنها بعد. وقال: «في الوقت الحالي، نحاول معرفة السبب، هل هي مجرد بيروقراطية عادية أم خيانة؟».
إلى ذلك، اعتبر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أمس، أن هذه المدينة الصغيرة لها أهمية رمزية أكثر منها عملياتية، مؤكداً أن سقوطها بيد روسيا لا يعني بالضرورة أنها استعادت قوة الدفع في جهودها العسكرية المستمرة منذ عام.
وقال أوستن، خلال زيارته للأردن، «أعتقد أن باخموت لها قيمة رمزية أكثر من القيمة الاستراتيجية والعملياتية، وسقوطها لن يعني بالضرورة أن الروس غيروا مسار هذه المعركة»، مبيناً أنه لن يتوقع ما إذا كانت القوات الروسية ستحتل باخموت أو متى ستقوم بذلك.
ووسط أنباء عن قيام الجيش الأوكراني بتنفيذ انسحاب تدريجي من المحور الغربي الشمالي من باخموت، أوصى أمس جنرالان رفيعا المستوى الرئيس فولديمير زيلنسكي باستمرار الدفاع عن المدينة، التي أكدت سلطات دونيتسك الموالية لروسيا أن 10 آلاف جندي أوكراني ما زالوا فيها.
شويغو في ماريوبول
ومع احتدام معركة مدينة باخموت، وصل وزير الدفاع الروسي أمس إلى ماريوبول في إطار رحلة عمل لمنطقة العمليات شملت قبل يومين «مركز قيادة» منطقة دونيتسك، التي يشكل مع لوغانسك إقليم دونباس، المركز الصناعي لأوكرانيا الذي تحتله روسيا الآن جزئياً وتسعى للسيطرة عليه كاملاً.
وتفقد شويغو في إطار جولته في مدينة ماريوبول مرافق جديدة وسير العمل في مواقع المباني والهياكل قيد الإنشاء ودشن عمل مركز طبي متعدد الوظائف بناه الجيش، ومركز إنقاذ جمهوري تابع لوزارة حالات الطوارئ ومنطقة صغيرة جديدة من 12 مبنى سكنياً من خمسة طوابق.
كما تم إطلاع شويغو على المجمع الحديث للوكالة الفدرالية الطبية والبيولوجية قيد الإنشاء حالياً في ماريوبول، وهي منطقة سكنية صغيرة جديدة مكونة من 6 مبان سكنية من تسعة طوابق ومدرسة ورياض أطفال.
واستمع إلى تقرير حول إنشاء أكبر خط أنابيب للمياه يربط بين منطقة روستوف وإقليم دونيتسك. حيث ستوفر قناة المياه من نهر الدون إلى قناة سيفيرسكي دونيتس-دونباس المياه للعديد من المناطق في المنطقة.
قاذفات قنابل
وفي ظل تزايد الانتقادات للقيادة الروسية بسبب عملية منطقة بريانسك، اجتمع بوتين مع أعضاء مجلس الأمن الروسي لبحث الهجوم على المقاطعة الروسية واتخاذ خطوات منع تكراره، منها تعزيز الوحدات الواقعة على الضفة اليسرى لنهر دنيبر بمنطقة خيرسون، بقاذفات قنابل يدوية لمكافحة محاولات اختراق المجموعات الأوكرانية على متن قوارب وزوارق مصفحة.
ووفق قيادة هذه الوحدات فإن «الأطقم الإضافية من قاذفات القنابل هدفها صد الهجمات المحتملة وضرب القوارب والقوارب المدرعة تلك التي تفاخرت بها السلطات الأوكرانية بأنها تستطيع عبور نهر دنيبر سيتم تدمير كل شيء في الطريق لا محالة».
ولفتت إلى أن أفراداً عسكريين من منطقتي سمولينسك وبريانسك يخدمون أيضاً في هذه المنطقة وأنه «بعد الأحداث الأخيرة، وبخاصة منطقة بريانسك، سارع السكان إلى حماية أماكانهم واستهداف أي محاولة تسلل ومنع وصوله».
ومع ذلك، قال حاكم منطقة بيلغورود الروسية المتاخمة لأوكرانيا فياتشيسلاف جلادكوف إن شخصاً على الأقل أصيب، أمس، بعد أن أسقطت القوات الروسية 3 صواريخ تسبب حطامها بتضرر بعض خطوط الكهرباء.
ونفت وزارة الداخلية الروسية إنشاء كتائب هجومية طوعية اعتباراً من 8 مارس الجاري، موضحة أن التعميم المنسوب لوزير الداخلية فلاديمير كولوكولتسيف على منصات ومواقع التواصل مزور.
ونشرت وزارة الدفاع الروسية لقطات لاستخدام جيل جديد من الذخائر الموجهة بدقة لتدمير المعدات والأسلحة ومواقع القيادة التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، موضحة أنه تم استخدام هذه الذخيرة ضد منشأة تم اكتشافها عن طريق الاستطلاع، وكانت مخصصة لإخفاء المركبات المدرعة القتالية وصيانتها.
استعمار الغرب
في غضون ذلك، قال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف إنه مثلما ساهم الاتحاد السوفياتي في موت النظام الاستعماري، «فإننا مع دول أخرى سندق آخر إسفين بنعش النزعة الاستعمارية الجديدة للغرب».
وأكد مدفيديف في مقال، أن العالم الجديد متعدد الأقطاب سيكون أكثر تعقيدا، من ثنائية الأقطاب أو أحادية القطب، لكن ذلك سيكون مناسبا لروسيا.
وأشار مدفيديف إلى أن «الدول ذات السيادة الحقيقية لم تعد تخشى إملاءات ما يعرف بالغرب الجماعي»، كما أنها لم تعد تخشى العقوبات وجزء كبير من النخب الغربية بات يدرك هذه التغييرات الجارية بشكل جيد.
وقال مدفيديف إن نفوذ فرنسا في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، آخذ في التراجع بسرعة.
وتطرق إلى علاقة فرنسا واشار إلى أن «جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي، دون الكثير من المراسم، قد أشاروا إلى الباب وطلبوا من القوات الفرنسية المغادرة».