لبنان: تحرك سعودي رئاسي بعد تبني «الثنائي» فرنجية
تفاعلت الحركة السياسية والدبلوماسية على الساحة اللبنانية ربطاً باستحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأعلن الثنائي الشيعي موقفه الواضح في دعم وتبني ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. فيما أطلق السفير السعودي وليد البخاري حركة واسعة ستشمل غالبية الشخصيات السياسية والمرجعيات الروحية للبحث في الملف الرئاسي وكيفية الوصول إلى صيغة اتفاق أو تسوية.
وتقصّد البخاري أن يبدأ حركته من زيارة البطريركية المارونية ولقاء البطريرك بشارة الراعي، نظرا لرمزية موقعه المرتبطة والمعنية بهذا الاستحقاق، كما أن جولة البخاري ستشمل كل القوى السياسية بما فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي استقبل أيضا السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو، وبحث معها آخر التطورات، لا سيما أن هناك أجواء تفيد بأن باريس لا تمانع انتخاب أي رئيس للجمهورية، ولا تضع فيتو على فرنجية، بخلاف الموقف السعودي.
وبعيد إعلان أمين عام حزب الله حسن نصرالله تبني فرنجية، غرد البخاري قائلا: «ظاهرة التقاء الساكنين في الاستحقاقات البُنيوية تقتضي التأمل لتكرارها نُطقا وإعرابا، وخلاصة القول هنا: إذا التقى ساكنان فيتم التخلص من أوّلهما، إما حذفا إذا كان معتلا، أو بتحريك أحدهما إن كان الساكن صحيحا».
وهذه الآلية في إطلاق المواقف تستند إلى الدبلوماسية الرمزية، التي يتقنها البخاري ويمرر من خلالها مواقفه ما بين النقاط والسطور وبطريقة بلاغية هادفة. بحسب ما تقول مصادر متابعة فإن المقصود بالتغريدة، هو وجوب حذف المرشح الذي ينطبق عليه ظرف العلّة، وهنا المقصود فرنجية والعلّة ليست بشخصه بل بسبب موقعه السياسي وبسبب أن انتخابه سيؤدي إلى غلبة طرف على حساب الآخر وهذا أمر لن يكون في صالح لبنان، أما الساكن الثاني المقصود بالتغريدة فتشير المصادر إلى أن المقصود كان أن تبقى ملتبسة بهدف فتح الباب أمام أحد المرشحين للرئاسة كقائد الجيش جوزيف عون مثلا، أما في حال بقيت الاعتراضات عليه فلا بد من تحريك الساكنين أيضا للبحث عن مرشح ثالث بالمواصفات المطلوبة دوليا.
وكانت وجهات النظر متطابقة بين السفير السعودي والبطريركية المارونية، بحسب ما تقول مصادر متابعة، خصوصا لجهة انتخاب رئيس غير محسوب على أي طرف سياسي ويحظى برضا ومقبولية المجتمع الدولي وتتوفر فيه صفات استعادة الثقة ووضع برنامج إنقاذي وإصلاحي واضح. وأكد المسؤول الإعلامي في بكركي وليد غياض وجود توافق بين بكركي والمملكة على المواصفات التي يجب أن يتحلى بها رئيس الجمهورية».
وأضاف غياض: «المملكة تؤكد ضرورة الخروج بحل لموضوع رئاسة الجمهورية، لكن المملكة لا تدخل في الأسماء إنما مع رئيس إنقاذي غير متورط بقضايا فساد مالي وسياسي»، مشيرا إلى أن «السفير استعمل كلمة متفائل جداً خلال اللقاء، لأن التفاؤل يفتح أبواب الحلول ويخرجنا من أي حال سلبية التي نعيش فيها».
وبناء على هذه المعطيات، لا تزال هناك حاجة لمراقبة التطورات بعد موقف الثنائي الشيعي، ولا بد من انتظار نتائج جولة السفير السعودي. فيما هناك وجهتا نظر متضاربتان، الأولى تقول إن تبني حزب الله لفرنجية يعني استمرار التصعيد والثبات على الموقف بانتظار تغير الظروف لمصلحة انتخابه، والثانية تعتبر أن موقف نصرالله عبارة عن تظهير نتيجة واقعة بأنه لا فرص خارجية لفرنجية في ظل الاعتراض الخارجي، وفي ظل المواقف التي تشير إلى ضرورة انتخاب رئيس غير محسوب على طرف سياسي.
ويعتبر هؤلاء أنه عندما يتحدث بري بالطريقة التي أعلن فيها عن ترشيحه لفرنجية فهذا يعني أنه قد فقد الأمل في توفير الدعم اللازم لوصوله، وبالتالي ذهب باتجاه التصعيد من خلال تبني ترشيحه في سياق البحث عن تسوية مع الخارج وليس مع الداخل، لأن موقف بري الذي استفز الآخرين يفترض به أن يكون قد انعكس سلبا على فرنجية.