لبنان: معادلة «فرنجية مقابل سلام» مرفوضة
حرّك إعلان الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، تبنّي ترشيح رئيس تيار «المردة»، سليمان فرنجية، لرئاسة الجمهورية في لبنان رسمياً، بعد مبادرة مماثلة من شريكه في «الثنائي الشيعي» رئيس مجلس النواب نبيه بري، المياه الرئاسية الراكدة، فيما بدأت الكتل النيابية في النقاش حول ما يمكن أن تُفضي إليه هذه الخطوة، ودراسة السيناريوهات المحتملة.
وبالاستناد إلى قراءة أوّلية، يظهر أن فرنجية لا يحظى حتى الآن بالـ 65 صوتاً اللازمة للفوز بالرئاسة في دورة ثانية من تصويت بمجلس النواب، علماً بأن النصاب الدستوري لانعقاد الجلسة هو 86 نائباً، وهذا العدد غير متوافر أيضاً بسبب إعلان كتل نيابية وازنة أنها ستقاطع أيّ جلسة لانتخابه.
وبناء على ذلك، يتأكد مجدداً أنّه لا قدرة لأيّ طرف على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، فلا حزب الله قادر على فرض مرشحه، وهو أقرّ بأن من حق القوى الأخرى مقاطعة الجلسات، فيما خصوم الحزب غير قادرين كذلك على توفير ظروف عقد جلسة لانتخاب مرشح مدعوم من قِبلهم، وهذا يعني أن المسألة تحتاج إلى تسوية شاملة يُفترض أن تكون أوسع من الساحة اللبنانية، وأكبر من قدرة القوى اللبنانية على حسمها، خصوصاً في ظل نتائج اجتماع باريس الخماسي بين الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية وقطر ومصر.
وتؤكد مصادر دبلوماسية عربية متابعة أن السعودية لا تزال ثابتة على موقفها في ضرورة التزام كل الدول بما اتُّفق عليه في اجتماع باريس حول ضرورة انتخاب رئيس يلبّي تطلعات المجتمع الدولي، ليحظى لبنان بالمساعدات المطلوبة.
والأهم بالنسبة إلى الرياض استمرار التنسيق الكامل بينها وبين الدول العربية الممثلة في الاجتماع الخماسي، أي قطر ومصر، حول الملف اللبناني الذي تتم مقاربته سعودياً بشكل أو بآخر وفق مندرجات الورقة الكويتية.
وتؤكد هذه المصادر أن السعودية أبلغت الجميع أنّه لا يمكنها دعم أي شخصية سياسية انخرطت في الفساد السياسي للوصول الى الرئاسة، وأن المطلوب «رئيس سيادي توافقي اعتدالي يُفترض أن يتماهى في معاييره مع هوية رئيس حكومة له موثوقية دولية ومحلية على قاعدة النزاهة والكفاءة».
وكذلك أنها «تنطلق من موقف لا مجال للتنازل عنه ينسجم مع سياسات بدأت في إعلان جدة خلال القمة الفرنسية - السعودية، ومضمون المبادرة الخليجية، والبيان الثلاثي في نيويورك، وأخيراً التنسيق السعودي - المصري، والسعودي - القطري».
وتؤكد المصادر الدبلوماسية المطّلعة أن الطرح الذي تم تسريبه أخيراً حول حصول مقايضة بين انتخاب رئيس للجمهورية متحالف مع حزب الله مقابل رئيس للحكومة من خصوم الحزب، فهو طرح مرفوض وساقط، وفي الأساس، فهذا الطرح عمره 5 أشهر، وقد خرج من أوساط الحزب، ولا يمكن للمجتمع الدولي والدول الإقليمية أن تقبل به، مما يعني أن معادلة «فرنجية مقابل نواف سلام» لا يمكن أن تستقيم، خصوصاً أنه في عام 2016 كان قد تم تسويق التسوية الرئاسية بين ميشال عون وسعد الحريري بنفس التوصيف، والجميع يرى النتائج التي أوصلت البلاد إليها.
ومن هنا، فإنّ موقف الثنائي الشيعي في مقابل حركة السفير السعودي وليد البخاري المتمثلة في جولته على القوى اللبنانية، بدءا من بكركي، يمكن أن يفتح مساراً سياسياً جديداً ليس بالضرورة أن يؤدي إلى حلّ سريع، إنّما يحتاج إلى أن يواكب بسياق عام من المفاوضات داخل لبنان وخارجه أيضاً.
وهذا يعني أيضا أنه يمكن للأزمة أن تستمر طويلاً في حال عدم القدرة على إيجاد قواسم مشتركة بين القوى اللبنانية للذهاب إلى انتخاب الرئيس وإطلاق عملية إعادة تكوين السلطة مجدداً، بما يتواءم مع الشروط الدولية.