قدم الزميل محمد البغلي في ندوة مثالاً (ربما نتعلم منه إن كان هناك من يقرأ) للوضع في سريلانكا، وغرق هذه الجزيرة الدولة بالديون والعجوز المالية بسبب سوء إدارة عائلة راجيبسكا للدولة السيلانية.

سريلانكا مدينة اليوم بحوالي 50 بليون دولار للخارج، ومعظم ديونها للصين والهند، اللتان تحتاران حول كيفية استرداد دينهما منها. والآن وجهت هذه الدولة المنكوبة بإدارتها المالية نظرها نحو صندوق النقد والبنك الدولي لإنقاذها من الإفلاس (مقالات تحليلية من «نيويورك تايمز»). كانت عائلة راجيبسكا تحتكر القرار السياسي عبر الحزب الحاكم في سريلانكا، وهي عائلة تسلطية من غير منافس قادت دولتها إلى الخراب، فساد سياسي - اقتصادي تمثل بالهدر الكبير في موارد الدولة دون حساب تقلبات الأيام.

Ad

البشر ينتظرون الساعات الطويلة لدورهم أمام محطات البنزين والأسواق الغذائية، هدر مالي لم يكن له حدود، أنفقت تلك العائلة الحاكمة بليون دولار على الموانئ، و250 مليون دولار هدرت على الطرق والجسور وملعب رياضة الكريكت، ونشرت وسائل الإعلام صوراً لهذا الملعب، وكيف أصبح مدينة أشباح، فارغاً بمقاعد بلاستيكية مكسرة مهملة... ألا تثير فينا تلك الصور مشهداً مقارباً لاستاد جابر الأحمد؟ وأليس من حقنا أن نقارن شوارع وجسور الفساد هناك بجسورنا وشوارعنا التي تمتلئ بالحفر والمطبات؟ جسور مشاة «فخفخة» لا تقدم أي خدمة لأنها بنيت في مناطق لم تكن لها حاجة... قيسوا وقارنوا صور الهدر واللامبالاة بين جزيرة سريلانكا ومثلث اللامبالاة الكويتي دون نهاية.

ما جدوى العقلانية والحصافة إن لم تتعلم الأنظمة الحاكمة والشعوب المغيبة عن قراءة مستقبل أجيالها من تجارب غيرها من الدول التي غرقت في خيبات التكاسل وتسويف الحلول لمستقبل لم يهتموا يوماً لأمره؟ ما العمل إن لم تتدارك تلك الأمم من أخطاء الماضي حين تحتكر السلطة بيد القلة وتحسب نفسها أنها العارفة العالمة بكل أمور الدنيا، بينما الحقيقة خلاف ذلك...؟ ما العمل معكم؟