أمطرت روسيا، اليوم، المدن الأوكرانية بالصواريخ ومنها صواريخ «كينجال» الفرط صوتية مستهدفة البنية التحتية رداً على هجوم داخل الأراضي الروسية في منطقة برياسنك، شنته مجموعة روسية موالية لكييف قبل أيام، بينما تجددت المخاوف من تمدد الصراع إلى جورجيا ومولدوفا المجاورتين.
وفي جورجيا، التي شهدت هجوماً روسياً كاسحاً في 2008، أعلن حزب «الحلم الجورجي» الحاكم الذي يتهمه خصومه بأنه مقرب جداً من روسيا، اليوم، سحب مشروع قانون قد يخنق حرية الإعلام والمجتمع المدني وصفته المعارضة وواشنطن بـ «القانون الروسي»، بعد أيام من الاحتجاجات العنيفة التي تم تنظيمها ضده خصوصاً في العاصمة تبليسي، إلا أن المعارضة المؤيدة لمزيد من الانفتاح على الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو قالت إنها ستواصل الاحتجاجات رغم ذلك.
وتساءلت شبكة سي إن إن الأميركية الإخبارية ما إذا كانت جورجيا هي «أوكرانيا القادمة»، في إشارة إلى احتمال تأزيم سياسي قد يدفع موسكو إلى إعادة التدخل في هذا البلد، رغم أن الكرملين نأى بنفسه وقال إنه يشعر بالقلق تجاه الاضطرابات في تبليسي.
إلى ذلك، نفت أوكرانيا اتهامات السلطات في إقليم ترانسدينستريا الانفصالي الموالي لموسكو في مولدوفا، بمحاولة اغتيال رئيس الإقليم والتحضير لهجمات، متهمة روسيا بتحريك الانفصاليين للاستفزاز، كما نفت سلطات مولدوفا علمها بأي هجوم.
واتجهت الأنظار إلى ترانسدينستريا منذ بدء الغزو الروسي لا سيما أنها تضم إضافة إلى القوات العسكرية الروسية مخازن ضخمة للذخائر والأسلحة.
من جهة ثانية، وبعد زيارته إلى كييف، قام وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بزيارة إلى موسكو بعد أيام من إجرائه محادثات في كييف لأول مرة منذ إقامة العلاقات قبل 30 عاماً. وخلال محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف تطرقت إلى تعزيز استقرار الخليج وتأمين المنطقة، جدد بن فرحان «شراكة الطاقة» بين الرياض وموسكو، وعرض الوساطة لحل النزاع الأوكراني، في وقت أكد لافروف أن المحادثات تطرقت إلى تعزيز أمن الخليج.
وفي تفاصيل الخبر:
في رد انتقامي على الهجوم غير المسبوق الذي شنته مجموعة روسية موالية لأوكرانيا على منطقة بريانسك الروسية، وأثار موجة سخط كبيرة ضد الكرملين، شنّت القوات الروسية، فجر اليوم، ضربات مكثّفة على أنحاء واسعة من أوكرانيا، شملت خصوصاً البنية التحتية بالعاصمة كييف، وخاركيف، وأوديسا، وميكولاييف، ولفيف، ودنيبرو، وزابوريجيا.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية أنها «وجهت ضربة انتقامية واسعة النطاق من الجو والبحر والبر رداً على الهجمات الإرهابية التي نظمها نظام كييف في مقاطعة بريانسك يوم 2 مارس»، والتي تبناها «فيلق المتطوعين الروس» وتمكن خلالها من اختراق الحدود وإرباك الأمن الروسي.
وأوضحت الوزارة أنها استخدمت صواريخ «كينجال» فرط الصوتية و«كاليبر» التي تطلق من البحر في ضرب البنى التحتية العسكرية لأوكرانيا، وكذلك مؤسسات المجمع الصناعي، ومنشآت طاقة تغذيها، مبينة أن جميع الصواريخ عالية الدقة أصابت أهدافها من الجو والبحر والبر، ودمرت قواعد الطائرات المسيرة، وتعطيل نقل الاحتياطيات والنقل بالسكك الحديدية للأسلحة الأجنبية، وتعطيل مرافق لإنتاج وإصلاح المعدات العسكرية والذخيرة.
وفيما دوّت الانفجارات في ميكولاييف (جنوب) ولفيف (غرب) ودنيبرو (شرق)، أكد وزير الطاقة هيرمان هالوشينكو والقائد العام للقوات المسلحة فاليري زالوجني، ان «الهجوم الروسي الشامل» تم بواسطة 81 صاروخاً من أنواع مختلفة، و8 ضربات بطائرات مسيرة من طراز «شاهد» الإيرانية، واستهدف منشآت الطاقة في سبع مناطق على الأقل بما فيها كييف، وميكولايف، وخاركيف، وأوديسا، ودنيبرو، وجيتومير، وزابوروجيا.
وبعد يوم واحد من المفاوضات مع الأمم المتحدة بشأن نزع السلاح من المحطة النووية الأكبر في أوروبا، أفادت شركة «إنيرغاتوم» بأنّ «خط الاتصال الأخير بين زابوريجيا وشبكة الكهرباء قطع بسبب الهجمات الروسية»، موضحة أن العمل توقف في المفاعلين الخامس والسادس ويتم توفير الكهرباء اللازمة للتشغيل من 18مولداً تعمل بالديزل وبها وقود يكفي 10 أيام.
وحذّرت الشركة من أنه «إذا لم يكن من الممكن معاودة التغذية الكهربائية الخارجية لمحطة زابوريجيا، قد يحصل حادث تكون له عواقب إشعاعية في العالم بأسره».
سياسياً، اعتبر وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر صحافي في ختام مباحثاته مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، اليوم، أن الوضع في أوكرانيا يؤثر بشكل كبير على الأمن والاستقرار العالميين، مؤكداً استعداد السعودية لبذل الجهود ومواصلة المساعي الإقليمية والدولية لحل الأزمة وتسوية النزاع، وتخفيف التوتر والمعاناة الناجمة عنه خاصة للدول النامية.
وأوضح بن فرحان، الذي زار أوكرانيا يوم الأحد لأول مرة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية معها قبل 30 عاماً، أن المملكة تسعى لتعزيز وتطوير العلاقات مع روسيا على جميع الصعد، وتوحيد الرؤى ودعم العلاقات الثنائية، مشيراً إلى استمرار التنسيق معها عن كثب بشأن أسواق الطاقة واتفاق «أوبك+».
بدوره، أعرب لافروف عن امتنان موسكو لموقف الرياض المتوازن من الأزمة الأوكرانية وجهودها في مبادلة الأسرى، ورحب بمشاركتها النشطة في حل القضايا الدولي وليس الإقليمية فقط، مؤكداً أهمية وجود تنسيق «دائم ومتبادل» بين الرياض وموسكو واتخاذ الخطوات اللازمة لتطوير التعاون.
وذكر أن مباحثاته بن فرحان تناولت الوضع في أوكرانيا، معرباً عن تقديره لرغبة الرياض الصادقة في التوصل إلى تسوية سياسية للوضع.
واتهم لافروف أوكرانيا بعدم إبداء أي اهتمام لحوار جدي للتسوية والدول الغربية «تحرضها على عدم التفاوض قبل أن تهزم روسيا في أرض المعركة»، كما اتهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وطاقمه بالتهرب من التعليقات بشأن الحاجة إلى تحقيق محايد في تفجير خطوط غاز «التيار الشمالي».
وعن التنسيق النفطي، أكد لافروف اتفاق موسكو والرياض على مواصلة تنسيق جهودهما في إطار تحالف (أوبك+)، وأن جميع الدول الأعضاء في هذا التحالف ملتزمة بتعهداتها من أجل ضمان الاستقرار في أسواق الطاقة.
وقال وزير الخارجية الروسي لافروف، إن مباحثاته مع نظيره السعودي تناولت سبل تعزيز الاستقرار في الخليج العربي عبر نهج يجمع دول المنطقة المهمة ويسمح بالتحرك نحو اتفاقيات محددة حول أمنها.
وأوضح أن الجانبين «ينطلقان من حقيقة أن جميع النزاعات في المنطقة يجب أن تحل على أساس الحوار السياسي بمشاركة جميع الأطراف المعنية».
ورداً على سؤال حول تحقيق التسوية في اليمن قال الأمير فيصل، إن هناك جهوداً متواصلة لإطلاق عملية سياسية، مؤكداً رغبة الرياض في الوصول إلى تسوية تضمن الأمن والاستقرار هناك من خلال التوصل إلى وقف لإطلاق النار والبدء في حوار ينهي النزاع.