«ثغرات» تكشف عوار مجتمع عنصري يصنع المسوخ

• فانتازيا مسرحية تدعو إلى تقبّل الآخر برؤية إخراجية واعدة

نشر في 10-03-2023
آخر تحديث 09-03-2023 | 18:29
مشهد من المسرحية
مشهد من المسرحية

في خطوة على الطريق الصحيح نحو مسرح حقيقي، أبدع نجوم مسرحية «ثغرات» في تقديم عرض احترافي صادق وواعد، من مجموعة من الشباب، بقيادة المخرج والمؤلف سلطان محمد، في أول أعماله المسرحية، التي استطاع من خلالها الإشارة إلى ميلاد مخرج محترف وموهوب، وذلك أمس الأول، على مسرح حمد الرجيب بالمعهد العالي للفنون المسرحية في ثاني عروض مهرجان أيام المسرح للشباب في دورته الـ 14 برئاسة د. محمد المزعل.

وتناولت فكرة المسرحية العنصرية في مجتمع ما، بأسلوب فانتازي، فتم تجسيد أبطال المسرحية بواسطة عدد من المسوخ، وهم أشخاص كل فرد فيهم صاحب إعاقة مختلفة، ولأن المجتمع غير إنساني، وبدلا من أن يتم التعامل معهم بشكل من أشكال التقبل للآخر والتسامح والاندماج، لم يجدوا داخل جدران هذا المجتمع الحديدي سوى النبذ والاشمئزاز من إعاقاتهم، ما حولهم إلى مسخ، ليس على مستوى الشكل فقط، ولكن فكريا أيضا حين لفظهم المجتمع ولم يتقبلهم كأشخاص أصحاب مبادئ وطموحات مثلهم مثل غيرهم من الأصحاء، بل تفوقوا من خلال مبادئهم الإيجابية والمحبة للسلام والآخرين على من يطلق عليهم أصحاء شكلا وإن كانوا مرضى ومعاقين على مستوى المضمون والفكر والروح الفاسدة والشريرة، التي جسدتها شخصية الساحر، وهو من يحاول ابتزاز هذه الفئة واللعب على عجزهم الجسدي وتطلعهم نحو الاستشفاء، محاولا استغلالهم، من خلال فتاة متآمرة تقنع أحد المسوخ بأنها واقعة في غرامه لاستدراجه إلى براثن الساحر الشرير.

20 عاما مع التأقلم والرضا بإعاقتهم، بل أيضا دعم بعضهم البعض في مجتمع صغير كونه هؤلاء المسوخ واستمتعوا فيه، وكانوا داخله السند والسلام، منحوا بعضهم بعضا التقبل، وكأن المخرج أراد أن يصور للجمهور مجتمعا سليما مولودا من رحم آخر فاسد، ورغم ضعف وقلة حيلة المجتمع الأصغر من المسوخ، فإن المخرج استطاع أن يبرز من خلال رؤيته كيف أن الدعم والصدق يمكن أن يجعل الإنسان يتعايش ويتقبل الآخر ويسعد بحياته مهما اشتعلت الحرب من حوله، ومهما نبذه الآخر، طالما آمن بكماله رغم العجز، واستطاع أن يحيط نفسه بمن يدعم هذا الشعور، دون إعارة المزيد من الانتباه لمن يخترق تلك الدائرة أو يحاول إفسادها.

20 عاما من السلام، ولكن المخرج أشار بقوة إلى سطوة الحب، وإن كان مزيفا، إلا أن شعور أحد أفراد مجتمع المسوخ بالعشق نحو فتاة جعله يخترق دائرة التقبل والمصالحة، محاولا الاندماج في مجتمع نبذه طوال حياته، ولكن حين يعجز الأمل لا يجد الإنسان اليائس أمامه سوى أبواب الخرافة التي تقوده إلى الهاوية، وهذا ما صنعه المخرج حين جعل أعضاء المسوخ يقعون تحت سطوة الساحر الذي باعهم الوهم في ثوب براق من الأمل المزيف.

وأبرزت المسرحية نجوم العرض الذين تألقوا في أداء أدوارهم وتنقلوا بين الكوميديا والتراجيديا بنعومة فائقة، وإلى جانب أدائهم كان النص المميز الذي كتبه مخرج العمل سلطان محمد، والذي نجح في إضفاء المتعة والإثارة على العمل الذي امتد على مدار ساعة كاملة لم يشعر معها الجمهور بالملل، نتيجة الجمل القصيرة في الحوارات الطويلة والتي جاءت رشيقة ومبهجة أحيانا ومأساوية أحيانا أخرى.

وتصدى لبطولة المسرحية الفنانون ضاري الرشدان ويوسف العبدالرزاق ومحمد المنصوري وصقر الشحي وأحمد الرشيدي ويونس الشرهان وهبة العيسى وعلي قاسم وأحمد العريفي ومحمد الخراز وحسين الفراس وإسحاق أيوب، بينما صممت الأزياء حصة العباد، والديكور فهد الرشيد، والمكياج زينة اليوسفي، والإضاءة فاضل النصار والموسيقى هاني الهزاع، وساعد بالإخراج هبة عبدالله، والمخرج المنفذ عبدالله الخرشان، والمسرحية تأليف وإخراج سلطان محمد، وإنتاج فرقة المعهد العالي للفنون المسرحية.

back to top