اختتم مركز الكويت للتحكيم التجاري، التابع لغرفة تجارة وصناعة الكويت، البرنامج التدريبي «إعداد الموفقين والوسطاء»، الذي أقيم من 6 إلى 8 مارس 2023، وحضره العديد من القانونيين والمحكمين والمهتمين بمجال التوفيق والتحكيم، وبمشاركة بعض موظفي وأعضاء إدارة الفتوى والتشريع.
وصرح رئيس مجلس إدارة المركز عبدالله الشايع بأن هذه الدورة تعد ضمن سلسلة من الدورات التي استحدثها المركز منذ موسمه الثقافي المنصرم لعام 2022، والتي أضحت أهميتها التنموية جلية، لما للتوفيق والوساطة من دور كبير وفعال في حل المنازعات التجارية واجتذاب الاستثمارات الدولية، كما أن الحرص على عقد هذه الدورة المتخصصة يكمن في المساهمة في توسيع قاعدة المعرفة القانونية لدى المشاركين والقانونيين على حد سواء، ولرفع الوعي القانوني لديهم في مجال التوفيق والوساطة، لدراسة حالة تهدف إلى توعية المتدربين بعملية التفاوض بين التقاضي والتحكيم والوساطة، كما أنها ستمكنهم من تعميق فهم التوفيق والوساطة في مجال التسوية البديلة للمنازعات، لما لهما من قيمة بالنسبة للمجتمعين القانوني المحلي والدولي.
وأضاف الشايع أن تنظيم هذه الدورة جاء لتلبية الاحتياجات التدريبية للمؤسسات والأفراد في مجال التوفيق والوساطة بالنشاط التجاري، الذي يكتسب أهمية متزايدة، حيث يعتبر من أدوات قياس مناخ الاستثمار وإقامة الأعمال، فضلا عما تشهده حركة التجارة العالمية من انفتاح وتشابك وتسارع انتقال الأموال والخدمات بين الدول، فإن كانت الغاية من اللجوء إلى التوفيق هي ضمان الوصول لحل سريع نابع من أطراف النزاع يحقق مصالحهم وينأى بهم عن بلوغ مرحلة التقاضي بما تمثله من إجراءات معقدة وطويلة يصعب التنبؤ بنتيجتها.
وأفاد بأن هذه الدورة تمثل مرحلة هامة في مسيرة المركز الذي يسعى دائما نحو الارتقاء بالمستوى العلمي والعملي للمتدربين في هذا المجال، وهي خطوة من ضمن عدة خطوات اتخذها المركز في إطار حرص المركز على تحقيق رسالته في نشر ثقافة الوسائل البديلة لحل المنازعات، والتي يأتي التوفيق/الوساطة في مقدمتها بهدف التعجيل في حل النزاع بين الأطراف، مما يحافظ على صفاء العلاقات الاجتماعية، ويتيح لجميع الأطراف استثمار مالهم وجهدهم ووقتهم، في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بدلا من إهداره في الخصومات والدعاوى، وهو ما ينعكس بالضرورة إيجابا على النشاط الاقتصادي والاستثماري في المجتمع.
يذكر أن الدورة تضمنت محاضرات نظرية امتدت على مدار ثلاثة أيام، حاضر فيها د. عماد الدين حسين - زميل المجمع الملكي البريطاني للمحكمين المعتمدين (FCIArb) ووسيط معتمد (Accredited Mediator) من مركز التسوية الفعالة للمنازعات (CEDR) ومقرهما لندن، حيث ركز فيها على التعريف بالتوفيق في المنازعات التجارية والمبادئ الأساسية له، وشرط اتفاق التوفيق/الوساطة وآثاره القانونية وشروط صحته، وجانب عملي حول صياغته، وإجراءات تقديم طلب التوفيق/الوساطة، وتشكيل هيئة المفوضين أو الموفقين وسير الجلسات، واتفاق التسوية، وآثاره القانونية.
وأوضح حسين أن التوفيق والوساطة يمثلان آلية بديلة لتسوية المنازعات (ADR)، وهما أقل تكلفة من التقاضي، ويمكنهما حل النزاعات في مرحلة مبكرة من الخصومة، وحتى بالنسبة للنزاعات الأكثر عمقا وتعقيدا، يوفر كل من التوفيق والوساطة إجراءات ترفع من مستوى التواصل، وتعزز الثقة، ومن شأنها حل النزاعات بمقتضى اتفاقيات قابلة للاستمرارية والتنفيذ - وغالبا ما تحافظ على سمعة الأطراف والعلاقات التجارية بين الشركات ورجال الأعمال والمستهلكين، حيث إنه من أسرار النجاح في العلاقات التجارية: وسيط محترف وأشخاص مناسبون حول طاولة الحوار، كما يجب أن يتوفر في الموفق/الوسيط المهارات الأساسية المطلوبة، ومنها مهارات التواصل الفعال، ومفهومه وأنواعه، ومهارات التفاوض وفن الحوار ودبلوماسية الإقناع، وأنواع المفاوضة، والدراسة والتخطيط، وابتكار الحلول، مختتماً بالجانب العملي.
وعلى صعيد المجتمع القانوني الدولي اعتمدت اتفاقية الأمم المتحدة بشأن اتفاقات التسوية الدولية المنبثقة من الوساطة، والتي تعرف أيضاً باسم اتفاقية سنغافورة بشأن الوساطة عام 2019، ووقعت الاتفاقية من قبل 53 دولة، ومع ذلك لم تدخل حيز التنفيذ سوى في ست دول، وقد وسعت اتفاقية سنغافورة من نطاق الاعتراف الدولي بالسبل البديلة لتسوية للمنازعات وإنفاذها، وتنشئ هذه الاتفاقية اعترافا بالتسويات القائمة على الوساطة وإنفاذها من أجل تعزيز اللجوء إلى الوساطة لحل النزاعات الدولية.
واختتمت الدورة أعمالها باقتراحات تتمثل في ضرورة تبني الوساطة لتسوية المنازعات التجارية التي تشهد تزايداً ملحوظاً على المستويين المحلي والدولي، بعيداً عن ساحات التقاضي.