في مثل هذه الأيام نستذكر وقبل عامٍ مضى عندما فقدت الكويت خطيبها وحكيمها د.أحمد الخطيب- رحمة الله عليه- تلك الشخصية الفريدة التي امتازت بكاريزما القيادة الجماهيرية والصفات البطولية، أبياً، حراً، تسكنه الشكيمة والأنفة، وتصونه عزته وكرامته.

لقد سعى د.الخطيب منذ رجوعه لوطنه بعد حصوله على شهادة الدكتوراه في الطب للانخراط في الميدان السياسي، ففي عام 1954م تداعى الراحل وزملاؤه الوطنيون لتقديم أول عريضة شعبية واسعة بتاريخ الكويت تطالب بالإصلاح السياسي وتشكيل مجلس منتخب للمشاركة في إدارة شؤون البلد.

Ad

لقد حرص د.الخطيب على مشاركة أبناء وطنه في تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني التي كان البلد يفتقر إليها، فأسسوا منذ بداية الخمسينيات النادي الأهلي الرياضي والنادي الثقافي القومي ثم تشكيل لجنة الأندية الكويتية التي كانت واجهة قيادة العمل الوطني في الكويت. يقول د.الخطيب في مذكراته «لقد سعيت إلى بناء الدولة الحديثة، دولة القانون من خلال قيام سلطة التشريع، والطريق هو اعتماد الدستور للكويت»، وهذا ما تم بفضل جهوده وجهود المخلصين من أبناء الكويت، فصدر الدستور عام 1962م.

لقد كان لعضوية الراحل دورها الفعّال والمؤثر في المجالس النيابية ففي مجلسي السبعينيات تم إقرار وإنجاز قوانين الضمان الاجتماعي والمحكمة الدستورية والتأميم الكامل للثروة النفطية، والذي يعد أحد أعظم الإنجازات الشعبية في تاريخ الكويت.

لم ينس الراحل د.أحمد الخطيب دوره العروبي ومسؤوليته القومية فقاد المظاهرات ومهرجانات التضامن ودعوات الإضراب دعماً للشقيقة مصر بعد تعرضها للعدوان الثلاثي عام1956م، وأشرف على فعالية جمع التبرعات لها بملايين الروبيات آنذاك.

إننا لننتشي فخراً ككويتيين بالمكانة الدولية المعتبرة لشخصية المناضل د.أحمد الخطيب، فقد اختير ليكون عضواً في مجلس رئاسة السلم العالمي، واختياره كأحد عناصر المجلس التأسيسي لمؤتمر التضامن مع الشعوب الآسيوية والإفريقية، كل ذلك بفضل مزايا شخصية الراحل، حيث ارتبط بعلاقات سياسية ممتدة عربياً ودولياً مع حكام دول ورؤساء حكومات وقيادات أحزاب من كل التوجهات والأيديولوجيات السياسية، بل كان فقيدنا الخطيب من مؤسسي أحد أهم الحركات السياسية في الخمسينيات «حركة القوميون العرب» والتي كان لها امتداداتها الحزبية وتأثيراتها الثورية على أرجاء الوطن العربي.

أقسم الراحل د.الخطيب، وكم أوفى بوعده، فأخلص للوطن والأمير، واحترم الدستور وقوانين الدولة، وذاد عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأدى أعماله بالصدق والأمانة.

كم وكم خسر الوطن وخسرنا بفقدك، وداعاً مرة أخرى.