في موازاة سعي عدد من أعضاء مجلس الأمة إلى تقديم اقتراح يهدف إلى إحالة الاقتراحات النيابية إلى اللجان المختصة مباشرة دون عرضها على لجنة الشؤون التشريعية والقانونية، رغبة في تقليص الدورة المستندية لعملية التشريع وتسريع وتيرتها، معتبرين أن اللجنة باتت «مقبرة للتشريعات والقوانين» بحسب ما صرح النائب د. عبدالعزيز الصقعبي، وأيده في ذلك النائبان د. عبدالكريم الكندري، ومهند الساير، أعرب عدد من المراقبين عن تخوفهم من أن يؤدي هذا الاقتراح، إذا طبق، إلى تراجع جودة التشريعات وضعف التقارير المعنية بالاقتراحات.

وأقر المراقبون بأن مسببات التعديل تبدو منطقية وفقاً لأحوال اللجنة في بعض المجالس السابقة، حيث تحكم الحالة المزاجية لبعض أعضائها مستقبل الاقتراحات، لافتين إلى أن المجالس الأخيرة شهدت انحرافاً في أعمال اللجان، ومن ضمنها «التشريعية»، إذ بات السباق نحو رفع عدد القوانين المقرة أو تقارير الاقتراحات المنجزة هو أساس الإنجاز، دون اعتبار للجودة وللآراء الفنية لذوي الاختصاص، ودون النظر إلى الاقتراحات بعين دستورية قانونية محايدة، ودون اهتمام بإقرار البرلمان للقوانين من عدمه.

Ad

وأكدوا أن هذا الانحراف أدى إلى تحول في أدوات «التسويق السياسي والانتخابي» لعمل النائب، إذ بات مرتبطاً بالكم لا الكيف، وكان أثره واضحاً على القوانين التي استوطنت الجسد التشريعي دون الاستفادة منها أو تفعيلها، حتى تحولت إلى عائق أمام قوانين أخرى.

المادة 55 عالجت تأخر «التشريعية»

في سياق تأييدهم للإبقاء على دور «التشريعية»، ذكر المراقبون أن المادة 55 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة عالجت مسألة تعطل الاقتراحات البرلمانية المقدمة إلى اللجنة، عبر نصها على أن تقدم «التشريعية» تقريرها خلال ثلاثة أسابيع من إحالة الموضوع إليها، وإذا تكرر التأخير عرض رئيس المجلس الأمر على المجلس في أول جلسة تالية، وللمجلس حينئذ أن يقرر ما يشاء.

ورأوا أن التخوف مما يخفيه المستقبل للجنة، وتولي زمامها نواب غير مختصين وعودتها إلى حالة تعطيل التشريعات وقبرها في اللجنة، تخوف قائم اليوم ومستمر إلى الغد وما بعده، في «التشريعية» وسائر اللجان، مبينين أن هذه الفرضية تنطبق على جميع اللجان وأعضائها، إذ إن هناك لجاناً «قبرت» قوانين إصلاحية في أدراجها، وأخرى عدلت قوانين بصورة أخلت بسلامتها وأهدافها.

وأوضح المراقبون أن مسؤولية أعضاء «التشريعية» اليوم، التي تحمل أغلبية أعضائها شهادات القانون، ليست التملص من مهامها، ولا التخلص من أعمالها، بل التمسك باختصاصاتها وإعادة بناء صورة اللجنة وكفاءتها وتمسكها بالأصول والتقاليد البرلمانية، داخل مجلس الأمة وخارجه، وتحويلها من «مقبرة للمقترحات» إلى بوابة لحماية المنظومة التشريعية من أي اقتراحات مخالفة للدستور، معقبين بأنها مسؤولية عظيمة من شأنها أن تخلق توازناً بين اللجان، وتشكل أحد أنواع الرقابة الداخلية الذاتية على اقتراحات القوانين قبل أن ترى النور.

هل يمكن إلغاء دور «الفتوى»؟

أمام غاية إنجاز العمل واختصار الدورة المستندية، التي أعلنها مقترحو عدم استقبال «التشريعية» اقتراحات باقي اللجان، قال المراقبون إنه إذا جاز إلغاء دور اللجنة لهذا السبب، «أفلا يحق تطبيق نفس المبدأ على هيئة الفتوى والتشريع بداعي تعطيلها بعض المشاريع الحكومية، ولماذا لا يجوز إسقاط دورها في سبيل الإنجاز واختصار الدورة المستندية؟!».