قال تقرير مركز «الشال»، إن مسار قرار الفائدة الأميركي «مُعلن»، والجميع يعرف مراحله، وكلها بتواريخ محددة، اجتماع مجلس إدارة البنك الفدرالي الأميركي يومي 21 و22 مارس الجاري، تتبعه حتى نهاية العام ستة اجتماعات لاحقة تواريخها معلنة، تسبقه بأكثر من أسبوعين بيانات حول التضخم وسوق العمل، التي نشرت الأسبوع الفائت، إضافة إلى شهادة رئيس الفدرالي جيروم باول أمام الكونغرس الأميركي يوم الثلاثاء الفائت.
وما يسبق إعلان قرار سعر الفائدة القادم بتاريخ 22 مارس الجاري من أرقام ولقاءات، كلها تمثل التمهيد لذلك القرار كي يصبح الجميع على دراية كافية باحتمالاته، والهدف هو إزاحة أكبر قدر من المجهول حتى لا يقع أحد ضحية فراغ المعلومة.
وخلافاً لتوقعات سابقة كانت أكثر تفاؤلاً حول السيطرة على التضخم ما أدى في حينه إلى تعديل توقعات معدلات النمو الاقتصادي إلى الأعلى، أشارت آخرالبيانات الصادرة إلى مؤشرات معاكسة، فالاقتصاد ما زال ساخناً، وجاءت معدلات التضخم أعلى من التوقعات – 6.4% بديلاً عن 6.2%– ثم مؤخراً إلى 6.5% في أرقام الأسبوع الفائت، ومازال الطلب على الاستهلاك الخاص مرتفعاً، ومازال عرض الوظائف يفوق الطلب عليها، فهناك 1.9 وظيفة متوفرة مقابل كل طالب وظيفة، ومعدل البطالة انخفض إلى 3.4% الأدنى منذ 53 سنة.
وصدرت تصريحات عن مسؤولين في فروع البنك الفدرالي الأميركي المختلفة ترجح أن التضخم بات يحتاج إلى معدلات فائدة قد تصل في أقصاها إلى 5.75% بدلاً من 5.00%، وقد تطول فترات رفع أسعار الفائدة ربما إلى نهاية عام 2023، وقد تأتي زيادة 22 مارس الجاري أعلى من سابقتها، أو 0.50% بديلاً لـ 0.25%.
وفي الاقتصادات التقليدية، تستهدف حركة أسعار الفائدة، إما كبح التضخم في حال رفعها، أو ما يسمى سياسة نقدية متشددة، أو حفز النمو في حال خفضها، أو سياسة نقدية توسعية، وللسياسات النقدية أدوات أخرى لدعم تأثير حركة أسعار الفائدة في الاتجاهين.
وفي الكويت، لا تأثير كبيراً لحركة أسعار الفائدة على كبح التضخم أو حفز النمو، والهدف الأهم لتلك الحركة هو توطين الدينار الكويتي، والهدف الآخر هو ضمان الاستقرار للقطاع المالي، ونأمل أن يكون بنك الكويت المركزي أعد مسبقاً قراره حول أسعار الفائدة تبعاً للتغيرات المحتملة على أسعار فائدة الدولار الأميركي بتاريخ 22 مارس الجاري، وقراره الأخير في 26 يناير الفائت برفع سعر الخصم بنصف النقطة المئوية سبق قرار فبراير للفدرالي الأميركي، وإن مازالت الفجوة لمصلحة الدولار الأميركي حتى الآن.
ما يثير القلق هو ارتفاع حالة عدم اليقين على مستوى الاقتصاد الكلي، فالكويت رسمياً بحكومة تصريف العاجل من الأمور منذ تاريخ 26 يناير الفائت، وتمت تسمية رئيس الوزراء الجديد لكن من دون إعلان مهلة لتشكيل حكومته، وقبل 26 يناير الفائت، كانت ذراعا الإدارة العامة معطلتين أيضاً.
وعرضنا في صدر الفقرة كم هو مهم ترتيب مسار الإعلان عن أسعار الفائدة على الدولار الأميركي واستهلاكه لكم كبير من الأرقام والمعلومات الحديثة والتفصيلية، ذلك كله لخفض نسبة المجهول إلى أدنى مستوياتها حتى لا يضار الناس عند بناء قراراتهم.
بينما الواقع في الكويت هو أن المجهول والفراغ وانحسار أهمية الرقم والمعلومة، باتت القاعدة على مستوى كل الدولة، وفي بعديه الاقتصادي والسياسي، فالقرار على المستوى الكلي معطل، وقرار المستثمر الفرد محمل بمخاطر عالية بسبب المساحة الطاغية للمجهول، والخلاصة هي أن وجود إدارة وقرار ومعلومة ورقم أو غيابها، أصبح «سيان».