بدأت تداعيات انهيار بنك سيليكون فالي تنتشر في جميع أنحاء العالم.
ويشعر مؤسسو الشركات الناشئة في منطقة خليج المكسيك بولاية كاليفورنيا بالذعر بشأن الوصول إلى الأموال ودفع رواتب الموظفين، حتى إن مخاوف العدوى وصلت إلى كندا، بعد أن تضاعف دفتر قروض البنك في العام الماضي.
ومن المقرر أن تعلن ذراع «SVB» في المملكة المتحدة تعسرها، وقد توقفت بالفعل عن التعامل، ولم تعد تستقبل عملاء جدداً. ويوم السبت، أرسل قادة ما يقرب من 180 شركة تكنولوجية خطاباً يطالبون فيه المستشار البريطاني جيريمي هانت بالتدخل. وأفادت «بلومبرغ»، نقلاً عن رسالتهم لهانت، قولهم: «فقدان الودائع يمكن أن يتسبب في إحداث شلل للقطاع، وإعادة النظام البيئي 20 عاماً للوراء». «وسيؤدي إلى التصفية القسرية لعشرات الشركات بين عشية وضحاها»، وفقاً لما اطلعت عليه «العربية. نت».
مجرد بداية
كان لـ «SVB» فروع في الصين والدنمارك وألمانيا والهند وإسرائيل والسويد أيضاً. ويحذر المؤسسون من أن تعثر البنك يمكن أن يقضي على الشركات الناشئة في جميع أنحاء العالم دون تدخل الحكومة.
بدوره، سعى المشروع المشترك لبنك «SVB» في الصين، والمعروف باسم «SPD Silicon Valley Bank»، إلى تهدئة العملاء المحليين، من خلال تذكيرهم بأن العمليات كانت مستقلة ومستقرة.
وقال مؤسسو الشركات الناشئة والمسؤولون التنفيذيون بالمملكة المتحدة في الرسالة الموجهة إلى هانت: «ستبدأ هذه الأزمة يوم الاثنين، لذا ندعوكم لمنعها الآن». الشركات المدرجة في الرسالة تشمل «Uncapped»، و«Apian»، و«Pockit»، و«Pivotal Earth».
من جانبها، صرحت وزارة الخزانة البريطانية، بأن هانت تحدث مع محافظ بنك إنكلترا بشأن الوضع، السبت، وأن وزير الخزانة الاقتصادي سيعقد مائدة مستديرة مع الشركات المتضررة في وقت لاحق.
وبتسليط الضوء على التحدي الذي تواجهه الحكومات في التعامل مع المدى الكامل للتداعيات، فقد بدأت وزارة الخزانة بالمملكة المتحدة في جمع الأصوات حول الشركات الناشئة، وسؤالها عن مقدار الودائع لديها، وحرقها النقدي التقريبي، وإمكانية وصولها إلى التسهيلات المصرفية في «SVB» وما بعده، وفقاً لما نقلته «بلومبرغ» عن مصادر.
وكان المؤسسون ينتظرون بفارغ الصبر نتيجة المائدة المستديرة وأي معلومات حول كيفية التعامل مع ودائعهم في البنك.
وكشف الرئيس التنفيذي لشركة «Lingumi» الناشئة للبرمجيات التعليمية، توبي ماثر، بأن شركته تحتفظ بـ 85 في المئة من أموالها في «SVB». وحاول نقل بعض حساباته، لكن حتى مساء السبت، لم يكن متأكداً من نجاح ذلك، وقال: «هذه مسألة حياة أو موت بالنسبة لنا».
فيما أمضى جاك أوميرا، مؤسس شركة «Ocher Bio»، الناشئة في علم الجينوم بلندن، عطلة نهاية الأسبوع، في محاولة، دون جدوى، لنقل الودائع من «SVB»، وقال: «إذا لم يكن هناك تدخل، فقد يقضي حقاً على جيل من رواد الأعمال».
وكما هو الحال في الولايات المتحدة، يتم التأمين على بعض ودائع «SVB» في المملكة المتحدة، ولكن لم يكن من الواضح متى ستكون هذه الأموال متاحة. كما أن هناك قلقاً أعمق بين قادة الشركات الناشئة، وهو أن انهيار «SVB» من شأنه أن يخنق التمويل المستقبلي من رأس المال الاستثماري القادم إلى المملكة المتحدة، حيث تتعثر الشركات بالفعل، بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
كما وقف عملاء بنك «سيليكون فالي» في كاليفورنيا - وكثير منهم من مؤسسي الشركات الناشئة - خارج فرع البنك في شارع ساند هيل الشهير بوادي السيليكون في البرد والأمطار، الجمعة، وطرقوا الأبواب الزجاجية المغلقة، وحاولوا إقناع ممثلي مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية الإجابة عن أسئلتهم.
وفي كندا، أفادت وحدة «SVB Financial Group» في البلاد عن تخصيص 435 مليون دولار كندي (314 مليون دولار أميركي) في شكل قروض مضمونة العام الماضي. ومن بين عملائها موفر برامج التجارة الإلكترونية «Shopify Inc»، وشركة الأدوية «HLS Therapeutics Inc»، وفقاً لبيان سابق صادر عن البنك.
كما كشفت شركة «AcuityAds Holdings Inc»، التي تتخذ من تورونتو مقراً لها، السبت، أن لديها 55 مليون دولار من الودائع في «SVB»، بما يزيد على 90 في المئة من أموالها. وكانت الشركة أوقفت تداول أسهمها الجمعة، بعد تراجع بنسبة 14 في المئة، مستشهدة «بالوضع الذي يتكشف» مع بنك وادي السيليكون.
وقال بنك إنكلترا، الجمعة، إنه يسعى للحصول على أمر من المحكمة لوضع بنك سيليكون فالي المملكة المتحدة – الفرع البريطاني من SVB الأميركي - في إجراء الإفلاس، بعد أن استولى المنظمون الأميركيون على شركته الأم، «SVB Financial Group»، في وقت سابق.
ويتمتع «SVB UK» بحضور محدود في المملكة المتحدة، وليس له تأثير مهم في النظام المالي، وفقاً لما نقلته شبكة «CNBC»، واطلعت عليه «العربية. نت».
في غضون ذلك، ستتوقف الشركة عن سداد المدفوعات أو قبول الودائع.
وبموجب إجراءات الإفلاس للبنوك في بريطانيا، يحق لبعض المودعين الحصول على ما يصل إلى 85 ألف جنيه إسترليني (102 ألف دولار)، كتعويض عن الودائع المفقودة، أو 170 ألف جنيه إسترليني للحسابات المشتركة.
وقال بنك إنكلترا إن الموجودات والمطلوبات الأخرى ستُدار من قِبل مصفي البنك، وأي أموال يتم استردادها سيتم تحويلها إلى الدائنين.
وتُعد حالات فشل البنوك نادرة في بريطانيا، حيث يخضع مقرضان فقط لإجراءات التسوية التي يتخذها بنك إنكلترا منذ عام 2009.
وفي وقت سابق، الجمعة، ذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن الذراع البريطانية لبنك «SVB» طلبت 1.8 مليار جنيه إسترليني من السيولة من بنك إنكلترا عبر «تسهيلات نافذة الخصم»، والتي تقدم تمويلاً طارئاً للبنوك إذا كان لديها ضمانات كافية.
وقال بنك سيليكون فالي بالمملكة المتحدة في وقت سابق، الجمعة، إنه كيان مستقل له مجلس إدارة مستقل، مُحاط بسياج من الشركة الأم والشركات التابعة الأخرى.
يأتي ذلك، بعد أن استحوذ المنظمون المصرفيون في الولايات المتحدة على البنك الرئيسي «SVB» في وقت سابق الجمعة، في محاولة لحماية المودعين، بعد أن دفع أكبر فشل للبنك منذ الأزمة المالية القطاع المصرفي العالمي إلى التخلص من المليارات من القيمة السوقية.