أدلى رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول بشهادته حول التوقعات تجاه الاقتصاد والسياسة النقدية أمام الكونغرس الأميركي الأسبوع الماضي، ذكر فيها أن أسعار الفائدة «من المرجح أن تكون أعلى مما كان متوقعاً في السابق» مستشهداً بأحدث البيانات الاقتصادية التي جاءت «أقوى مما كان متوقعاً».

وأكد باول، حسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، أنه إذا كانت «البيانات تشير إلى أن هناك ما يبرر تشديداً أسرع، فسنكون مستعدين لزيادة وتيرة رفع أسعار الفائدة».

Ad

في التفاصيل، تأتي هذه الشهادة المتشددة على خلفية انخفاض معدلات البطالة إلى أدنى مستوياتها التاريخية واستقرار قراءات التضخم.

ويعتبر هذا التغير لتبني اتجاه أكثر تشدداً إشارة إلى التحول عن التوجهات التي تبناها مجلس الاحتياطي الفدرالي في اجتماعه الأخير الذي عقد في فبراير الماضي، مما يسلط الضوء على بداية تراجع التضخم بعد قرار اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة لشهر فبراير.

وخلال ذلك الاجتماع، أقر مجلس الاحتياطي الفدرالي باتجاه التضخم نحو الانخفاض لتبرير تباطؤ وتيرة رفع أسعار الفائدة إلى 25 نقطة أساس مقابل 50 نقطة أساس في ديسمبر ورفعها عدة مرات بمقدار 75 نقطة أساس خلال عام 2022.

لكن منذ ذلك الحين، ظلت البيانات الصادرة عن اقتصاد الولايات المتحدة قوية، بما في ذلك تسارع وتيرة انكماش مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفدرالي.

وارتفعت احتمالات رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس من 25% إلى 71% بعد إدلاء باول بشهادته، كما تراجعت الأسهم الأميركية بحدة بينما ارتفعت عائدات سندات الخزانة بعد تصريحات باول مع وصول عائدات سندات الخزانة لأجل عامين إلى أعلى المستويات المسجلة منذ عام 2007.

وكشف تقرير يوم الجمعة عن تجاوز الوظائف غير الزراعية التوقعات بينما تراجعت الأجور وارتفع معدل البطالة، مما قدم صورة مختلطة في الوقت الذي يقرر فيه مجلس الاحتياطي الفدرالي ما إذا كان سيزيد من وتيرة رفعه لأسعار الفائدة.

وأظهرت الرواتب غير الزراعية أن سوق العمل أضاف 311 ألف وظيفة الشهر الماضي ليتجاوز بذلك توقعات تسجيل نمو بنحو 225 ألف وظيفة وأقل من الرقم السابق البالغ 504 آلاف (المعدل هبوطياً من 517 ألف وظيفة).

ونمت الأجور بنسبة 4.6%، إي أقل من النسبة المتوقعة والبالغة 4.7% بينما ارتفع معدل البطالة إلى 3.6% مقابل توقعات بوصولها إلى 3.4% هي أيضاً القراءة السابقة. وبعد صدور تلك البيانات، تراجعت توقعات رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس من 51% إلى 44%.

وبدأ الدولار الأميركي تداولات الأسبوع بأداء قوي، إذ واصل زخمه الصعودي الناجم عن التصريحات المتشددة من مسؤولي الاحتياطي الفدرالي الأسبوع السابق.

وساهم تحول جيروم باول لتبني نبرة متشددة في تعزيز الدولار الأميركي أمام نظرائه الرئيسيين ليصل إلى أعلى مستوياته المسجلة في ثلاثة أشهر عند مستوى 105.883.

من جهة أخرى، ساهمت البيانات المختلطة لسوق العمل التي صدرت يوم الجمعة في تعزيز التقلبات ودفعت الدولار للانخفاض في ظل تلاشي احتمالات رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الاجتماع القادم لمجلس الاحتياطي الفدرالي.

وأنهى اليورو والجنيه الإسترليني التداولات المتقلبة لهذا الأسبوع بالقرب من نفس المستويات التي بدأوا بها تداولات الأسبوع عند مستوى 1.0635 و1.2024 على التوالي.

وفي غضون ذلك، وفي إشارة إلى توجه المستثمرين نحو العزوف عن المخاطر، حقق الين الياباني مكاسب كما انخفضت عائدات سندات الخزانة وتراجعت أسواق الأسهم بسبب حالة الهلع من المخاطرة الناجمة عن انهيار بنك وادي السليكون (SVB) وهو أكبر إفلاس مصرفي في الولايات المتحدة منذ عام 2008.

وخلال الأسبوع المقبل تترقب الأسواق التطورات الخاصة ببنك وادي السليكون إضافة إلى بيانات التضخم الأميركي لشهر فبراير والتي ستحدد بشكل كبير مسار بنك الاحتياطي الفدرالي في المستقبل.

التضخم في الاتحاد الأوروبي

جاءت مبيعات التجزئة في منطقة اليورو أضعف مما كان متوقعاً، إذ وصلت إلى 0.3% في يناير مقابل 0.7% المتوقعة. ويسلط الانتعاش بوتيرة أضعف من القراءة السابقة الضوء على ضعف طلب المستهلكين في منطقة اليورو وسط ارتفاع معدلات التضخم.

فالتضخم المترسخ الذي تشهده اقتصادات منطقة اليورو ناتج عن ارتفاع تكاليف المواد الغذائية والطاقة، وبالتالي يتسرب إلى قطاعات أخرى من الاقتصاد.

إضافة إلى ذلك، انخفض مؤشر ثقة المستثمر في منطقة اليورو إلى -11.6 مقابل توقعات بوصول قراءة المؤشر إلى -5.6 والقراءة السابقة البالغة -8.0.

وكان هذا التراجع مدفوعاً بصفة رئيسية بمؤشر التوقعات، الذي وصلت قراءته إلى -13.0 مقابل -6.0.

وتتطابق الآراء والتوقعات المتشائمة للمستثمرين مع البيانات الاقتصادية التي تظهر ارتفاع وثبات معدلات التضخم، فضلاً عن ضعف الطلب الاستهلاكي وتباطؤ النشاط الاقتصادي على نطاق أوسع.

المملكة المتحدة

تجاوز النمو الاقتصادي للمملكة المتحدة التوقعات في يناير. إذ ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3%، معوضاً بعض التراجع الذي تم تسجيله في ديسمبر الماضي بنسبة 0.5%، عندما عطلت الإضرابات النشاط الاقتصادي.

ويضيف هذا الرقم إلى سلسلة المفاجآت الإيجابية الأخيرة الخاصة بأنشطة الأعمال وأسعار المنازل ومبيعات التجزئة وثقة المستهلك.

ووفقاً لذلك تزداد فرص تجنب الركود، إلا أنه يضغط على بنك إنكلترا لمواصلة رفع سعر الفائدة. وما يزال الاقتصاد أقل بنسبة 0.2% مما كان عليه قبل الجائحة.