السعودية حصلت على ضمانات إيرانية سرية قبل توقيع «اتفاق بكين»
• اجتماع ثنائي بين العيبان وشمخاني بلا مترجمين أو صينيين أنجح المفاوضات
• الصين توعدت برد «مؤثر» في حال انتهاك التفاهم وتعهدت باستثمارات إذا انتهت الصراعات بالوكالة
• عين بكين على دور روسيا في المباحثات النووية وتفاؤل صيني باختراق في أزمة أوكرانيا
بعد مرور أربعة أيام على الاتفاق بين السعودية وإيران برعاية الصين، لم تتضح بعدُ كل التفاصيل حول هذا الإعلان المهم، خصوصاً لناحية توقيته والظروف التي ساهمت أو دفعت للتوصل إليه، فضلاً عن تداعياته الواسعة على المستويين الإقليمي والدولي.
«الجريدة»، التي كشفت في 5 فبراير الماضي عن دخول بكين على خط الوساطة بين الرياض وطهران، موضحة أن الرئيس الصيني شي جينبينغ قدم اقتراحه خلال قمم الرياض الصينية ـ العربية، وأن هناك مسعى صينياً لاستضافة بكين قمة خليجية - إيرانية، حصلت على معلومات جديدة تُلقي الضوء على المزيد من التفاصيل حول هذا الحدث المهم.
وأكد مصدر دبلوماسي كان مسؤولاً عن تنسيق الاتصالات بين طهران وبكين حول الوساطة الصينية مع الرياض، أن الصينيين أنفسهم لم يكونوا يتوقعون الموقف السعودي الإيجابي قبل أسبوعين.
وقال المصدر لـ «الجريدة»، إن الجانب السعودي اتصل قبل أسبوعين ببكين، وذكر أن لديه شروطاً غير قابلة للتفاوض، وإذا كان الجانب الإيراني لديه الاستعداد للقبول بهذه الشروط دون أي بحث، فليرسل وفداً إلى بكين لوضع اللمسات النهائية وتوقيع الاتفاق.
ولفت إلى أن هذه الشروط السعودية بحثها بشكل حصري رئيسا وفدَي البلدين في بداية الأيام الأربعة من المفاوضات التي قادت إلى إعلان الاتفاق، مضيفاً أن هذه الجلسات جرت بدون حضور أي ممثلين صينيين وحتى بدون مترجمين، باعتبار أن الأمين العام للمجلس الأعلی للأمن القومي الإيراني علي شمخاني هو إيراني عربي يتكلم اللغة العربية بطلاقة.
وبحسب المصدر، فقد وُضِعت على طاولة المفاوضات لاحقاً جميع الملفات الأمنية المتفق عليها خلال خمس جولات من الحوار بين البلدين على مدى عامين، لكن مفتاح اللغز كان الاتفاق الخاص الذي تم بين شمخاني ورئيس الوفد السعودي مستشار الأمن الوطني السعودي مساعد العيبان، والذي بدل الجو العام ودفع نحو إتمام المفاوضات بنجاح.
وأوضح المصدر أنه لا يملك أي معلومات عما تم تداوله خلال الاجتماع الثنائي، لكن الانطباع العام لدى الوفد الإيراني كان أن السعوديين يريدون ضمانات خاصة غير علنية من الإيرانيين وقد حصلوا عليها بالفعل.
وذكر أن بكين أكدت للجانبين أنها مستعدة لضمان الاتفاق، وفي حال وجدت أي انتهاك لبنوده لن تقف مكتوفة الأيدي، وستواجه الطرف المنتهِك بحقيقة أن انتهاكاته تمس مباشرة بهيبة الدبلوماسية الصينية ما قد يؤثر على العلاقات بين البلدين.
وكشف أن الجانب الصيني عمل على إعداد تفصيلي ممتاز للمفاوضات، بعد أن درس القضايا الخلافية بين الجانبين، والثغرات والمحدودية في الوساطتين العراقية والعمانية، حتى أنه لم يبلغ واشنطن بالمفاوضات، كما جرت العادة بين البلدين، حيث تتقاطع مصالحهما، تاركاً المجال للرياض لإبلاغها في اللحظة الأخيرة دون أي تنسيق مسبق، كما كان يحدث في جلسات الحوار التي جرت سابقاً في بغداد.
وأشار إلى أن الصين قدمت وعوداً للجانبين بالاستثمار الاقتصادي في المنطقة مشترطة إنهاء كل الملفات والنزاعات المباشرة أو بالوكالة بينهما.
وبيّن أن بكين تبحث الآن، بعد نجاحها في هذه الوساطة، أن تلعب دوراً أساسياً في مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي، إذ إن الروس كانوا يلعبون هذا الدور سابقاً، لكن بعد الحرب الأوكرانية خفّض الأوروبيون والأميركيون اتصالاتهم مع المندوب الروسي الدائم في المنظمات الدولية ميخاييل أوليانوف.
وقال المصدر إن الصين ما زالت مصرّة على خطتها المكونة من 12 بنداً لحل الحرب في أوكرانيا، وتتوقع أن يؤدي نجاحها في حل الخلاف الإيراني- السعودي إلى فتح المجال لوساطتها بين أوكرانيا وروسيا.
في هذا السياق، كشفت «رويترز» أن الرئيس الصيني شي جينبينغ يعتزم السفر إلى موسكو قريباً، وربما الأسبوع المقبل، للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وسيعقد بعد ذلك لقاءً عبر الفيديو مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيكون الأول من نوعه منذ بدء الحرب في فبراير 2022.