في الصميم: أميركا لن تقتل دجاجتها
لا نعلم ما فائدتنا من ذلك التسابق والحرص على المصالحة الأميركية الإيرانية، فالخلاف لا العداء بين إيران وأميركا وحلفائها سببه الملف النووي الإيراني، فهم يريدون منع ايران من صنع سلاح نووي فقط، وليس لكف جرائمها عن المنطقة، فإسرائيل والغرب لا يريدون دولاً أوسطية تملك أسلحة نووية ومنها إيران، فهذا ما يهمهم، أما غير ذلك فليذهب الجميع الى الجحيم.
أي اتفاق غربي إسرائيلي مع إيران سيكون لصالح إيران وإسرائيل وضد العرب تحديداً، وهذا ما يعلمه النظام الإيراني ويساوم عليه، فالمصالحة تعني عيثوا فساداً في بلاد العرب، فمن أجل هذا أسقط الشاه، وشرعّت لكم الأبواب، ومهّدت لكم الطرق، ولكن بلا سلاح نووي، وهو سلاح يعوّل عليه النظام العنصري ضد العرب لا إسرائيل.
لا نعتقد بنجاح أي اتفاق عربي إيراني لسبب بسيط، وهو أن هذا النظام لن يتنازل عن مكاسب كلفته الكثير، وجعلته يبسط شروطه وسلطته على أربع دول عربية تعد بالنسبة إليه مفاتيح الهيمنة والتهديد ضد أمتنا، فالنظام الإيراني بعد تبذيره أموال الشعوب الإيرانية على عملائه لن يفرّط في الحوثيين في اليمن، وفي حشوده الشعبية في العراق، ولا في بشار وعصابته في سورية، ولا في حزبه الشيطاني في لبنان، لأنه بهم يحكم ويتحكم، هذا النظام صرف ملياراته على ميليشياته الشيعية والسنيّة من أجل تنفيذ أجندة تاريخية، وللأخذ بثأر عنصري قديم ليس له أي علاقة بالدين ولا المذهب ولا تحرير القدس، وما طائفية إيران ضد العرب إلا مطية استغلتها مع عديمي الشرف وضعاف النفوس، كما أننا لا نعتقد أن يسمح الغرب وإسرائيل لهذا التقارب بأن يتم، هذا إن حصل.
إنها معادلة متناغمة بينهم، إيران تهدد العرب، والعرب يدفعون ذهباً لأميركا مقابل تلك الخدمة الإيرانية، فلولا إيران لما اضطر العرب الى هدر أموالهم على شراء السلاح، فهي بالنسبة إلى أميركا والغرب دجاجتهم التي تبيض ذهباً، وهي عملياً من توفر لمصانع السلاح الأميركية مليارات الدولارات العربية ومئات الآلاف من فرص العمل، فإذا توقف بيضها الذهبي، وإذا لم تعد شوكة في جنب العرب، وإذا لم تعد تلهيهم عن فلسطين، أي إذا ما تصالحت مع العرب، فعندها ستُقتل وستستبدل بدجاجة غيرها، كما استبدل بالشاه الخميني.
***
نقول: واهمٌ من يعتقد أن أميركا وحلفاءها يريدون إسقاط النظام الإيراني، فكيف يقتلون دجاجتهم التي تبيض ذهباً، هذا النظام لن يسقط إلا إذا أصر على إنتاج سلاحه النووي، أو إذا تخلى وحاد عن الأجندة التي بسببها استبدل الشاه، وبغير هذا فهذا النظام لن يسقط إلا بإرادة الشعوب الإيرانية وحدها، وهذا ما يدفعنا لأن نؤمن بأن ما يفعله النظام الإيراني هو بالضبط ما يريده الغرب وإسرائيل، وأن النظام الإيراني يعرف ذلك ويستغله أحسن استغلال.
فعقدة إيران مع الغرب وإسرائيل وحيدة، وهي أن: «انسوا تصنيع السلاح النووي، وننسى لكم ما تفعلونه في بلاد العرب».