وجهة نظر: انهيار بنك يقلق العالم
أغلقت الجهات التنظيمية المالية الأميركية بنك سيليكون فالي يوم الجمعة الفائت، والذي يحتل المركز السادس عشر من بين أكبر البنوك الأميركية بأصول بلغت قيمتها 200 مليار دولار، واتخذت المؤسسة الفدرالية للتأمين على الودائع الحراسة القضائية على البنك.
وتميز البنك بارتفاع ودائعه في السنوات الثلاث الأخيرة لتصل إلى 173 مليار دولار، لتركيزه على الشركات الناشئة المتخصصة في التكنولوجيا والرعاية الصحية، ويعتبر الشريك المصرفي لنصف شركات التكنولوجيا في شتى أنحاء العالم، ومنها أميركا اللاتينية والبرازيل وبريطانيا، إضافة إلى أن البنك يعتبر مقرضاً كبيراً لهذه الشركات. وحسب البيانات فقد بلغت محفظة قروض البنك 73 مليار دولار في ديسمبر 2022، وبما أن الشركات التقنية الناشئة عانت مؤخرا من ارتفاع بالمصاريف وانخفاض بالأرباح، مما أجبرها على استعمال ودائعها كبديل للاقتراض بسبب ارتفاع تكلفة الأخير، وهذا ادى إلى انخفاض كبير في حجم الودائع. ومن أجل تعزيز سيولة البنك النقدية فقد استثمر في السندات الحكومية بأسعار مرتفعة عام 2021. ومع قرارات مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة مرات عديدة، وبشكل كبير خلال العام المنصرم، لكبح التضخم، فقد انخفضت أسعار السندات بشكل ملحوظ، مما ادى إلى حدوث فجوة مالية كبيرة للبنك وعدم استقرار مركزه المالي.
ومن أجل مواجهة هذه التحديات الصعبة اضطر البنك إلى أن يبيع محفظة السندات بقيمة 21 مليار دولار لتغطية التزاماته تجاه المودعين والمساهمين، وخسر بذلك 1.8 مليار دولار، وبعدها أعلن عن بيع محفظة أسهم بقيمة 2.2 مليار دولار لتغطية الخسائر، فشهدت أسهمه انهيارا حادا مما أثار حالة من الهلع بين المودعين والمستثمرين والشركات الناشئة، وأفاد الخبراء بأنه تم سحب وتحويل الودائع بقيمة ما يقارب 24 مليار دولار في يوم واحد، وخسر القطاع المصرفي في السوق الأميركي أكثر من 100 مليار خلال يومين، وفقد القطاع المصرفي أكثر من%60 من قيمته.
الجدير بالذكر أن الجهات التنظيمية المصرفية الأميركية كانت متحوطة لمواجهة هذه الأحداث الدراماتيكية منذ الأزمة المالية في عام 2008، حيث فرضت شروطا صارمة للحفاظ على رأسمال المصارف الكبيرة، وحددت اختبار الضغط السنوي للمصارف، مما نتج وفقا للبيانات عن ارتفاع نسبة رأس المال مقارنة بالأصول الخطيرة إلى 14 وانخفاض نسبة القروض مقارنة بالودائع.
ولتفادي نقل العدوى للمصارف الكبيرة أعلنت الحكومة الأميركية وصانعو القرارات المالية بعد يومين من إفلاس بنك سيليكون فالي عن وضع خطط لحماية فلوس المودعين والمستثمرين والعمل الحثيث لإعادة حقوقهم المالية، إضافة إلى تعزيز التحالفات من المصارف الصغيرة مع الكبيرة لتقوية موقفها مع المودعين، كما اتخذ المجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي قرارا بتوفير برنامج التمويل السنوي المصرفي الذي يسمح بتمويل المصارف المتعثرة لزيادة السيولة النقدية في حالات الطوارئ، إضافة إلى وجود خطط عن توفير الدعم والتمويل من الشركات التي تدير أصولا عالمية للشركات التكنولوجية والناشئة التي تأثرت من إفلاس البنك.