بقايا خيال: كويتيو فلسطين
حتى هذه اللحظة لا أعلم من وراء توزيع قائمة بأسماء كويتيين من أصول فلسطينية منحوا الجنسية الكويتية في ستينيات القرن الماضي عن جدارة واستحقاق، ولا أفهم الهدف أو الغرض من توزيعها في هذا الوقت بالذات، على الرغم من أن كل من ذكرت أسماؤهم ضمن القائمة، إن لم يكن أغلبهم، استحقوا هذه الجنسية قبل أن يثبتوا جدارتهم في أعمالهم وقبل أن يحققوا أي إنجاز، ذلك لأن أغلبهم كان يحمل شهادة جامعية عليا في تخصصات علمية كانت نادرة ومطلوبة في تلك الحقبة الزمنية التي عانت فيها الكويت شحاً في الأطباء والمهندسين والمعلمين والمحاسبين وغيرها، فجاءت النجدة من عرب 1948.
ولهذا كانت القيادة السياسية محقة في منح أوسمة الولاء وتيجان الانتماء الحقيقي لهذه الكوكبة التي شرفت الكويت، لأنهم استحقوها بعد إنجازات غير مسبوقة، خصوصاً أنهم سدوا نواقص في مجالات أعمالهم المختلفة كانت الكويت بحاجة ماسة لها حينذاك، وتحديداً عندما بدأت خطواتها الأولى في التنمية الشاملة التي دشنها الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، طيب الله ثراه.
عندما تدفق النفط في الكويت وسالت أولى شحناته التصديرية في عام 1946، كانت الهجرات الفلسطينية الحقيقية قد بدأت، حين قدم إلى الكويت معلمون وأطباء ومهندسون ومحاسبون ليساهموا في نهضة الكويت الحديثة، خلال حقبة كانت فيها نسبة الأمية عالية بين الكويتيين والمقيمين، ولهذا برزت إنجازات الأشقاء الفلسطينيين في بناء الكويت جنبا إلى جنب الكويتيين، ومع هذه الإسهامات الفلسطينية الملحوظة برزت الحاجة إلى استقدام المزيد من الفلسطينيين المتخصصين ليسدوا نواقص واضحة في كثير من مهن الياقات البيضاء، وظهرت معها الحاجة إلى إقناع المقيمين من أصحاب التخصصات المهمة في مواصلة عطائهم لخدمة الكويت، فكانت عملية التجنيس التي عبرت عن حصافة حكومية وحرص وطني بيِّن على المصلحة العامة.
عندما وصلتني قائمة بأسماء الفلسطينيين الذين صاروا مواطنين كاملي الدسم، لهم ما للكويتيين وعليهم ما على الكويتيين، أحسست بشيء من الفخار بوطني الذي تمسك بالكفاءات والخبرات لبناء الديرة بدلا من عمليات التجنيس العشوائية التي أضرت كثيراً بكل ما له صلة بالكويت ومستقبلها، وتساءلت حينها عن أسباب عدم نشر أسماء الذين حصلوا على الجنسية الكويتية عشوائياً وبالتزوير، فدمروا كل ما يمتّ بصلة إلى الكويت القديمة وتراثها، فهؤلاء هم الذين يجب أن يعرفهم الكويتيون أصحاب الأرض، لأن أغلبهم لم يساهموا في تطور الكويت، ولا كانوا من ذوي التخصصات العلمية المطلوبة في سوق العمل، وبدلاً من أن تساهم الدولة في القضاء على الأمية، أضر التجنيس العشوائي بشكل كارثي بنسبة الأمية التي ارتفعت بين الكويتيين بدلاً من أن تنخفض، رغم التشدد في مسألة محو الأمية بين المواطنين خلال سنوات قليلة من بدء تطبيق الخطة الخمسية الأولى في بداية عهدنا بالاستقلال.
ولهذا أقول لمن يريد أن يشق وحدة الكويتيين إنه لو كان الأمر بيدي لنصبت تماثيل في الميادين الكويتية العامة لكل الكويتيين المخلصين من أصحاب الإنجازات، خصوصاً المتميزين من كويتيي فلسطين.