ها هي تنطلق الحكومة الرابعة لسمو الرئيس الشيخ أحمد النواف، وربما انطلق معها العد التنازلي لخروجها من إدارة الدولة، الواقع السياسي الكويتي مؤلم ولا يرسم إلا الضباب في تحقيق التطلعات الشعبية وتحقيق رغبة القيادة في عهد جديد من التعاون بين السلطات.
تبدأ المشاورات لتشكيل الفريق الحكومي الجديد تحت مرحلة لا تحمل عنواناً واضحاً ضمن رؤية الكويت 2035، ثم يخرج رئيس السلطة التشريعية بعد صدور المرسوم الخاص بتحديد شخص الرئيس بتصريح يضع الوزر كاملا على السلطة التنفيذية- وكأنه يقول يا كويتيون نحن ضحية عوار دستوري خطير- التي حاولت عمداً تعطيل الجلسات رغم إرادة الأمة.
مسلسل التجاذب والتنافر بين السلطتين مستمر، وتطوير الحياة السياسية والمشاركة الفعلية لعناصر المجتمع الكويتي علاج لهذه المرحلة المظلمة التي غدا النور فيها منعدماً، وتشكيل الأحزاب السياسية وفق برامج وأهداف واضحة يقاس مدى تحققها من عدمه يساعد في التعاون وخلق الإخاء بين مكونات السلطة وترشيد المساءلة الشعبية، كما أن تفعيل دور النقابات العمالية داخل الجهات الحكومية يخفف الرقابة البرلمانية ويساعد السلطة التنفيذية في تحسس موضع التجلطات الإدارية.
مشروع تعديل نصوص الدستور ليواكب التطورات ويرسم حدودا جديدة بين عمل السلطات أصبح لازما لاستمرار الديموقراطية وصيانة للدستور من التشويه المتعمد، أما الحرمة والخط الأحمر الذي ينادى به البعض فيجب أن يكون للأمن الداخلي والخارجي والحفاظ على النسيج الاجتماعي من شر الفتن والتفكيك.
كتاب (حياة في الإدارة) للكاتب والوزير السعودي السابق غازي القصيبي- رحمه الله- الذي يذكر تجربته في العمل الحكومي ويركز من خلالها على عامل السن، دافع لتشكيل فريق حكومي شاب وتمكين الشباب في الحكومة الجديدة، الذين يمثلون أكبر شريحة في المجتمع وفقا للإحصاءات الرسمية، ويعتبر ذلك بداية ذكية لخلق تواصل وفهم وحوار حقيقي بين السلطة والبرلمان وبين السلطة والشعب، ونمطا قياديا جديدا مفعما بالحيوية والنشاط ونهاية للعبارة المتناقلة «لن تصلني الفرصة إلا في سن متأخرة».
وآخر ما أقول وعسى أن يكون في الختام قول يسمع، يفترض بالرئيس الجديد ابتكار جهاز إعلامي وطني يوازي الناطق الرسمي باسم الحكومة، يستطيع الدخول لكل بيت وفتح نافذة كبيرة يناقش من خلالها القضايا العامة على مبدأ الشفافية والتغيير، ولا يترك الشارع الكويتي لقمة سائغة للإشاعات والخطابات الرنانة التي تستخدم الفساد الحكومي مادة لها.