بعد تسريباتٍ إيرانية أولية أشارت إلى أن اجتماع اللجنة القانونية المشتركة بين الكويت وإيران، الذي عُقِد الاثنين الماضي في طهران لبحث ترسيم الحدود البحرية، كان إيجابياً، تبيّن، بعد التدقيق وظهور المزيد من المعطيات حول تفاصيل المباحثات، أن أجواءً سلبية أحاطت الاجتماع، بسبب اختلاف مقاربة البلدين، التي وصلت إلى حد العرقلة من الجانب الإيراني الذي اقترح تجاوز موضوع الترسيم، والقفز إلى التقاسم أو الاستثمار المشترك لحقل الدرة الغازي البحري، الذي يُقدر احتياطي الغاز القابل للاستخراج منه بنحو 200 مليار متر مكعب.

وكان مصدر في الخارجية الإيرانية قال، الثلاثاء الماضي، لـ «الجريدة»، إن الاجتماع المذكور لم يخرج بأي نتيجة، لكن مجرد انعقاده بعد سنوات من توقف المفاوضات، والاتفاق على عقد اجتماع ثانٍ، هو أمر إيجابي، كما أن جلسة المشاورات السياسية التي عُقِدت برئاسة السفير منصور العتيبي نائب وزير الخارجية، وعلي باقري كني نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية كانت إيجابية بشكل عام، عطفاً على أجواء التوافق التي تسود المنطقة بعد توقيع اتفاق المصالحة بين الرياض وطهران.

Ad

إلا أن المصدر نفسه، عاد وأوضح، أن نتيجة الاجتماع التقني للجنة القانونية، التي ترأّس خلالها الجانب الكويتي السفير العتيبي، في حين ترأس الجانب الإيراني السفير رضا نجفي نائب وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية، كانت تميل أكثر إلى السلبية.

وكشف المصدر أن الجانب الكويتي تمسك بمبدأ ترسيم الحدود البحرية أولاً، وفق القانون الدولي، في حين اقترح الجانب الإيراني القفز فوق قضية ترسيم الحدود، والاتفاق على استثمار مشترك لحقل الدرة (آراش بالفارسية) بين الكويت والسعودية وإيران، وفق حصص يتم الاتفاق عليها، أو تقاسم الحقل.

وذكر أن الإيرانيين عرضوا على الجانب الكويتي حججهم بشأن ما يعتبرونه حقاً لهم في الجزء الشمالي من حقل الدرة، على أساس أن الحدود البحرية الإيرانية تمتد من الجرف القاري لا من الحدود البرية، وطالبوا بالتفاوض على اتفاق للاستثمار واستخراج الموارد الطبيعية بشكل مشترك، لكن الكويتيين رفضوا التفاوض على أي تقاسم أو تشارك في الحقل قبل ترسيم الحدود البحرية وتبيان حصة كل جانب.

وتصر طهران على أن حدودها تمتد من الجرف القاري، وأن مقاربتها هذه تعتمد على قانون البحار المفتوحة، بينما تصرّ الكويت على أن حدود إيران يجب أن تُحسَب انطلاقاً من حدودها البرية حسب قانون البحار المغلقة.

وفي حال قبول الحجة الكويتية التي تتوافق مع القانون الدولي، فلن يكون، عملياً، لإيران أي حصة في «الدرة»، أما إذا اعتُمِدت حجة طهران فهناك احتمال كبير أن تحصل على حصة.

وكانت «الجريدة» كشفت الأربعاء الماضي، نقلاً عن مصدر بالخارجية الإيرانية، أن إيران والكويت توصلتا إلى اتفاق للعودة إلى المفاوضات المتوقفة بشأن ترسيم الحدود البحرية بينهما، وأن لقاءات تقنية ستُجرى بين خبراء من البلدين.

وقال المصدر إنه في حال التوصل إلى اتفاق فإن التوقيع يمكن أن يتم على مستوى وزيرَي الخارجية، مشيراً في هذا الصدد إلى أن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان سيحضر لزيارة الكويت، وإذا تم التوصل إلى اتفاق حول الترسيم يمكن أن يتم توقيعه خلال تلك الزيارة.

والعام الماضي وقّعت السعودية والكويت اتفاقاً لتسريع تطوير «الدرة» الواقع في المنطقة المغمورة المقسومة بناءً على الاتفاق الموقع بين البلدين في 2019، مما أثار اعتراض طهران التي زعمت أن لها حقاً في الحقل، وهددت ببدء الحفر إذا أقدمت الكويت والسعودية على ذلك.

وردت الكويت بالتأكيد أن «الدرة» حقل كويتي سعودي «خالص»، وأن إيران ليست طرفاً فيه، وتمسكت، في الوقت نفسه، بمفاوضات «كويتية ــ سعودية ــ إيرانية لترسيم حدود الجرف القاري بين الدول الثلاث».