قال تقرير شركة الشال للاستشارات الاقتصادية: «لسنا أفضل من يكتب في مسببات سقوط بنك سيليكون فالي، لذلك سينحصر تعليقنا على آثار سقوطه المحتملة على الاقتصاد الكلي للعالم، لكي نستخدمها مدخلا لاحتمالات تأثيرها على اقتصادنا المحلي، لعل وعسى يتم التحوط لها سلفاً».
وأضاف التقرير: سقوط البنك مشابه لما حدث ما بين بداية القرن الحالي وأزمة عام 2008، أموال رخيصة ناتجة عن سياسة نقدية توسعية بفائدة منخفضة أو صفرية ولفترة طويلة من الزمن، أدت إلى ارتفاع شهية المخاطر لدى المستثمرين، وأخلت بشدة بالتوازن ما بين الالتزامات قصيرة الأجل والاستحقاقات طويلة الأجل، وكان سقوط «ليمان براذرز» بدايتها، ولنفس الأسباب سقط «بنك سيليكون فالي».
وأشار إلى أن صعوبة الأوضاع الحالية أنها تقع والعالم يواجه متلازمة ارتفاع معدلات التضخم مع ضعف في نمو الاقتصاد، ما يجعل البنوك المركزية، وهي في مقعد قيادة الأزمة، في حيرة كبيرة لمواءمة التناقض ما بين تأثير رفع أسعار الفائدة من أجل كبح التضخم، وآثاره السلبية على النمو، والخطأ في تحقيق تلك المواءمة، أي التوقف المبكر أو الإسراف في الزيادة، قد يدفع إلى ركود طويل وعميق، وربما كساد.
ولفت إلى أن السيناريوهات المحتملة في تقديرنا اثنان، أو شيء فيما بينهما، الأول والأفضل هو أن ينجح فريق إدارة الأزمة في حصرها في حدود ضيقة، وأولى الخطوات كانت ضمان ودائع البنك أو البنوك التي لحقته أو أخرى قادمة بمشاركة ما بين مؤسسة ضمان الودائع الفدرالية والفدرالي الأميركي، إلى جانب منح تسهيلات ائتمانية للقطاع لمدة عام لدعم العملاء، مع إجراءات عقابية مثل طرد الإدارة التنفيذية والتضحية بالمساهمين.
وودائع البنك مصدر الأزمة تبلغ 177 مليار دولار أميركي، نحو 86 في المئة، أو نحو 152 مليار دولار منها لا يشملها التأمين الذي تبلغ حدوده القصوى 250 ألف دولار، و4.8 مليارات دولار فقط ضمنها مؤمنة بالكامل.
السيناريو الثاني والأسوأ هو تكرار سيناريو أزمة العالم المالية في عام 2008، وذلك قد يحدث إذا لم ينجح السيناريو الأول في تهدئة المخاوف، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل سحوبات الودائع عن المستوى الآمن وقد يتبعه استمرار في هبوط أسعار الأصول – الرهونات – ما يهدد بانتقال الأزمة إلى القطاع المالي، مع العلم أن أوضاع القطاع أفضل بكثير حالياً.
إن تحقق مثل هذا السيناريو، تصبح احتمالات انتقال الأزمة إلى الاقتصاد الحقيقي إحتمالات كبيرة، ما يجعل الاتجاه إلى حقبة ركود اقتصادي عالمي أمر واقع بانعكاساتها السلبية على سوق العمل – البطالة –، وعالم اليوم مختلف عن أوضاع عام 2008 من زاوية توافق مجموعة العشرين على مواجهة الأزمة، فدرجة الوفاق السياسي بين زعامات اقتصادات العالم الكبرى أدنى بكثير، واحتمالات تكرار تعاونهم الفعال باتت أضعف.
وأضاف: نحن نرجح تحقق سيناريو وسط ما بين السيناريو الأول والثاني، أي، لن يكون هناك احتواء سريع وكامل للأزمة، ولن يكون هناك انفراط بحجم ما حدث بعد عام 2008، وإجراءات الفدرالي الأميركي يوم الأحد الفائت والمركزي السويسري لاحقاً ترجح ذلك.
وإن تحقق ذلك السيناريو، فقد نشهد قريباً عودة عن سياسات التشدد النقدي رغم ارتفاع معدلات التضخم في شهر فبراير، فزيادة أسعار الفائدة الأميركية المتوقعة الأربعاء القادم قد تكون بالحد الأدنى، أي 0.25 في المئة إن حدثت، يتبعها توقف ولاحقاً البدء بخفضها، لأن ضعف النمو الاقتصادي قد يحقق هدفي التشدد النقدي، وهما كبح التضخم وارتفاع معدلات البطالة، بينما رفع أسعار الفائدة قد يضيف بنوكا أخرى إلى حالة التعثر.
وذكر: ما يعنينا من تلك المقدمة الطويلة هو تداعيات الأزمة على اقتصادنا المحلي، فالاقتصاد الكويتي اقتصاد مالية عامة ولا شيء غيرها، وللمالية العامة في الكويت مصدر دخل واحد، إما النفط أو مدخرات النفط، والاثنان سيتأثران سلباً، والسيناريوهات المحتملة على مستوى العالم هي الفيصل ما بين الإصابة الخفيفة أو المتوسطة أو الشديدة.