الأمور معلّقة... على ماذا؟
حتى الآن، لا يزال البلد في حالة شلل سياسي واقتصادي، العبارة السالفة لم تكن معبّرة عن الواقع، فالقاعدة هي أن البلد في شلل دائم، وما يحدث اليوم ليس استثناء بل استمرار لواقع قديم سببه العجز الفكري المتأصل عند السلطة التي وجدت ضالّتها في تمديد حالة الخمود، تحت ذريعة صدور حكم «الدستورية» وما قد يسفر عنه من نتائج، وأياً كان هذا الحكم المنتظر الذي أصبح حديث الساعة اليوم بدل أن يتدبّر أهل السلطة خيارات العمل نحو إصلاح الاقتصاد، فالنتيجة واحدة عند «سيفوه».
مايكل هارب في كتابه «أجور النفط... البرلمانات والتطور الاقتصادي في الكويت والإمارات» يرى أن مجلس الأمة (المتفرّد وجوده بدول الخليج) ليس هو العائق في تنفيذ مشروعات اقتصادية طموحة لتنويع الدخل، ويقول إن السبب هو حالة التطرف الريعي بالكويت، الذي جعل الطبقة الوسطى تصرف النظر عن أي رؤية لتنويع مصادر الدخل، فهذا التنويع يمثّل عبئاً عليها، لأنها طبقة موظفين تعتمد على رواتب الحكومة، ومجلس الأمة بدوره لا يكترث لنجاح الحكومة أو فشلها، لأنها مُشكّلة من شيوخ وخارج إرادته، وليس من أحزاب ممثلة في البرلمان.
لماذا يلقي مايكل هارب في حالة الجمود الكويتي باللوم كله على طبقة الموظفين الذي يحيون على الرواتب والأجور؟ فهل وفّر القطاع الخاص فرصة للمواطنين للعمل لديه، أم أنه - بحكم قانون المنفعة الاقتصادية - فضّل الوافد الأرخص تكلفة والأكثر إنتاجاً؟ وهل تسمية القطاع الخاص هنا تمثّل الحقيقة كقطاع اقتصادي منتج بدوره يدفع ضريبة تموّل خزانة الدولة، ويتم تدوير إيراد تلك الضريبة لخدمة المرفق العام؟ أم أنه في الأغلب قطاع وكالات تجارية يحميه قانون التجارة المفصّل على مقاس المهيمنين التجاريين، وهم ليسوا صناعيين، وهو مثله كمثل حال جيوش الموظفين يرضع من ثدي الدولة الريعي ولا يستغني عنها، وله تداخل نفوذ وسلطة بجوف السلطة الحاكمة؟ بكلام آخر «وين ما طقّها عوجه».
هلموت شميت (المستشار الألماني السابق) قال إن أرباح اليوم هي استثمارات الغد، واستثمارات الغد هي أجور ما بعد الغد... كيف يستوعب الجماعة هنا هذا الكلام؟