رياح وأوتاد: فلنراقب الحكومة والمجلس بعد انتقاد المصلحين وحكم الدستورية
الانتقاد العلني الذي يقوم على أسس شرعية ودستورية ويدعو إلى المصلحة العامة أمر في غاية الأهمية لكل بلد ينشد التقدم ويريد التخلص من المعوقات التي تؤخر نهضته وتقدمه، ولذلك ليس بمستغرب أن تنُشر هذه الأيام مقالات كثيرة متميزة تنتقد أداء الحكومة ومجلس الأمة وبعض أولوياته، ومنها مقالات د.محمد المقاطع ود.عبدالمحسن حمادة، ود.عبداللطيف بن نخي وغيرهم.
وقد سعدت بقراءة هذه المقالات الناقدة التي تؤكد ما ذهبت إليه شخصياً في مقالات كثيرة، ففي مقالي الأخير شرحت اختلاف تصرفات بعض النواب والسياسيين في المجلس الحالي عن تصرفاتهم التصعيدية السابقة رغم وحدة الموضوعات، وكذلك بعض المخالفات الدستورية واللائحية التي وقعوا فيها والتي يعتبرها بعض الإخوة بطولات للأسف.
وفي المقالات السابقة لم أغفل، بحمد الله، عن ذكر أخطاء الحكومة السابقة بعدم ذهابها للمحكمة الدستورية في مواجهة الاستجوابات المخالفة للدستور التي قُدمت لرئيسها، وكذلك كتبت عن أخطاء الحكومة الحالية وأخطرها أنهم شرعوا لأنفسهم معاشات استثنائية فلكية من أول يوم تعيينهم إلى موعد وفاتهم مما لا يجوز قبوله، وأنه يجب إلغاؤه وإلغاء المادة (80) من قانون التأمينات التي تجيز مثل هذه الاستثناءات، وفي هذا المقام أشير بالثناء والتقدير إلى أن بعض الإخوة الأعضاء رفضوا أن ترسل أسماؤهم إلى مجلس الوزراء للحصول على هذا الاستثناء وهم (حمد العبيد ومبارك الطشة ومهند الساير وعبدالله المضف وعبدالوهاب العيسى وسعود العصفور).
ولم أغفل بفضل الله عن ذكر الاقتراحات والبدائل والنصائح لأعضاء المجلس إلى جانب النقد، وذلك من أجل ترشيد عمل المجلس ووضعه على طريق الإصلاح فشرحت القوانين التي تقضي، بإذن الله، على الفساد وضرورة أولويتها، وذكرت أهمية البديل الاستراتيجي للرواتب، وكذلك أشرت إلى أهم الأخطار التي تتربص بشباب الكويت ومستقبلهم في أكثر من مقال، مثل أحادية الدخل وخطورة الهدر وأهمية الإصلاح الاقتصادي من أجل توظيف الأعداد الهائلة المقبلة إلى سوق العمل وإصلاح التركيبة السكانية، وأشرت إلى مخالفة بعض أطروحات ما يسمى الإصلاح السياسي لنصوص واضحة في الدستور من أجل تقويم وترشيد هذه الأطروحات.
وقد هذا كان دأبي منذ البداية، حيث انتقدت بعض أعمال المجلس الماضي والذي قبله، فكنت أول من كتب في بيان عدم دستورية قانون تعارض المصالح السابق الذي أبطلته المحكمة الدستورية وانتقدت قانون الطعن المباشر أمام المحكمة الدستورية، كما بينت خطورة تقارير لجنة الإعلام البرلمانية بشأن قانون المطبوعات، وكذلك كتبت عن عدم دستورية قرار المجلس بتأجيل الاستجوابات المزمع تقديمها، وأيضاً خطورة قوانين الصرف المالي الاستنزافية والربوية وعدم العدالة فيها، وكذلك اقتراحات الكوتة النسائية، وكل ذلك على ضوء الشريعة الإسلامية وأحكام الدستور بعد مراجعة المتخصصين في كل مجال، دون أخذ أي اعتبار للصراعات الحالية سواء بين أبناء الأسرة أو مختلف الأجنحة السياسية وصراعاتها، ولم أنحزْ إلى قيادات المجلس الماضي أو المجلس الحالي وتصنيفاتهم إلا بقدر أخطائهم أو صوابهم.
وبحمد الله تصلني دائما رسائل اتفاق وتأييد كثيرة من المتابعين، خصوصاً من المتخصصين الحريصين على مصلحة البلاد، ولكن من المؤسف أن قلة قليلة من ردود الفعل ذهبت إلى التصنيف البغيض والطعن الشخصي وابتعدوا عن الجوانب الشرعية والعلمية، وليتهم قرأوا الانتقادات التي ذكرتها أعلاه للحكومة والمجلس، وليتهم رجعوا إلى الفقهاء الشرعيين والدستوريين قبل طعن وتصنيف الآخرين، ولكن الى الله المشتكى.
والآن وبعد حكم الدستورية الذي أكد على عدم دستورية مرسوم حل مجلس 2020 هناك عدة أسئله مهمة لا بد من طرحها:
• هل سيتم احترام حكم المحكمة الدستورية؟
• هل ستراجع وتدرس الحكومة قانونية المراسيم ودستوريتها قبل إصدارها؟
• هل سيستفيد الأعضاء من الأخطاء السابقة بعد أن تم بيانها وشرحها في مقالات علمية ومن قبل كثير من المتخصصين والمتابعين؟
• هل سيقوم بعض الأعضاء بالتصعيد والاعتصام الذي شاهدناه في المجلس السابق؟
• هل ستستجيب الحكومة لتصعيد النواب هذا المرة كما فعلت في السابق؟
نحن الآن في مرحلة ترقب، ونسأل الله أن يهدي الحكومة والنواب إلى أكبر قدر من التوافق والإصلاح وفق الأولويات التي تحقق مصلحة البلاد وتدرأ عنها الفساد والاختلاف.