عبدالله الغنيم يطلق أهم مشروع توثيقي على مستوى الكويت بدعم من غرفة التجارة والصناعة (الحلقة الثانية)
• احتفالية مركز البحوث بإصدار 8 مجلدات عن تاريخ مجلس الإنشاء (1963/1952) رعاها محمد جاسم الصقر
• 10 سنوات من عمر المجلس أنجزت أول خطة عمرانية مازالت حاضرة إلى اليوم
• الانتقال من البيوت الطينية إلى ضواحٍ نموذجية متكاملة الخدمات
احتفالية خاصة أقامها رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية، د. عبدالله الغنيم، لإطلاق أهم مشروع توثيقي على مستوى الكويت حول تاريخ مجلس الإنشاء (1963/1952) ورعاها رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد جاسم الصقر، وسط دعم من الغرفة قال عنه الغنيم: «لولا هذا الدعم، لما استطعنا إنجاز المجلدات الثمانية».
مدينة الكويت 1952م
لتحقيق هذا الرؤية، ولتلبية طموحات الكويتيين في البدء بالتخطيط والإشراف على صياغة مستقبل دولة الكويت العمراني، وفي تأمين الوضع الاقتصادي والاجتماعي الأمثل للأجيال القادمة من الكويتيين، سعى الشيخ عبدالله السالم الصباح، ومعه عدد كبير من رجالات الكويت المؤسسين إلى استثمار كل الإمكانات المتاحة منذ عام 1950م، وفق ما تقتضيه ظروف المرحلة؛ فقد توقع الكويتيون أن تشمل خطط التنظيم المرتقبة والتنمية تغييراً جذرياً يشمل استحداث نقلة عصرية في التوزيع العادل لثروة النفط، وفي توفير المرافق والخدمات الحكومية اللازمة لنقل معيشة جل سكان الكويت من بيوتهم الطينية وشوارعهم الضيقة في العاصمة وفي القرى والجزر التابعة لها إلى ما حولهم وخارج مناطقهم من ضواح نموذجية مستحدثة ومتكاملة الخدمات الحكومية العامة، ففي حينها كان الكويتيون يرون ضرورة استثمار أراضي البلاد الممتدة لمساحة 18 ألف كيلومتر مربع تقريباً في بناء مختلف المناطق السكنية والصناعية والصحية والتعليمية والاستثمارية الحديثة في أنحاء البلاد.
طلب المساعدة الفنية البريطانية
لتلبية هذه الرغبة العارمة محلياً للتغيير لم يكن أمام الشيخ عبدالله السالم الصباح آنذاك إلا الاستعانة بخبرات الحكومة البريطانية في تحقيق خطط بلاده للتنمية الشاملة، فقد ربطته علاقات وثيقة مع البريطانيين مثلما كانت كذلك مع أسلافه منذ عهد جده الشيخ مبارك الصباح الأمير السابع للكويت (1896 – 1915م).
- مع نهاية عام 1950م قرر الشيخ عبدالله السالم الصباح تقديم طلب تعيين خبير بريطاني لممثله في لندن كمب (.H. T Kemp)، بهدف مساعدة الدوائر الحكومية الكويتية في المراقبة المالية، والتنسيق الهندسي المبدئي لخطة التنظيم المرتقبة.
- تم تكليف دائرة الأشغال العامة في بداية عام 1951م والاستعانة بخبرة الشركات العالمية لتحسين مظهر مدينة الكويت العام، ليكون على أعلى مستويات تنظيم المدن الحديثة والعصرية في منطقة الشرق الأوسط، وبالفعل اتفق مع شركة منوبريو وسبنسلي وبي دبليو ماكفرلين في لندن بأبريل 1951م على القيام بأعمال التخطيط والتنظيم لمدينة الكويت، والتي استمرت أعمالها نحو 8 أشهر.
- أيضا تم استحداث هيئة إدارية جديدة خاصة بالإشراف على وضع وتنسيق خطة التنظيم المرتقبة، والتي سميت مجلس الإنشاء (كذلك سميت في بعض الأحيان مجلس الإنشاءات ومجلس الإعمار، وذلك مع بداية عام 1952م).
الخطة استنزفت عائدات النفط السنوية
- بالرغم من الاجتهاد والطموح الواضح لمعد هذه الخطة الخمسية لانطلاق قطار التنمية في الكويت، والتي جرى العمل على تنفيذها في السنوات اللاحقة لعام 1952م والتي لاتزال آثارها بارزة على مظهر ومخطط تنظيم دولة الكويت الحالي في عام 2022م، فإن التكلفة العالية لتنفيذها، التي شارفت على مواكبة كامل مدخول الكويت السنوي من إيرادات النفط بعد سنتين من انطلاقها، قد تركت الأثر الكبير على وضع هاستيد وصلاحياته في مجلس الإنشاء؛ فخلاف ما صرح به هاستيد في خطته بأن تكلفة تنفيذ المشاريع ستكون ما بين خُمس وربع مدخول البلاد السنوي، وهو ما قدر في تكلفته النهائية لخمس سنوات بمبلغ يقارب 91 مليون جنيه إسترليني، فقد تضاعفت التكلفة لتصل إلى أكثر من نصف مدخول البلاد، وهو ما قدر بمبلغ 172 مليون جنيه إسترليني، مما ترك حالة من الاستياء وعدم الرضا الداخلي في الكويت تجاه سمعة الخبراء البريطانيين ومكانة الشركات البريطانية العاملة فيها.
- تجميد صلاحيات هاستيد التنفيذية بحلول مارس 1953م، والاكتفاء بمراجعة آرائه الفنية للمشاريع، ومن ثم تقديمه لاستقالته في عام 1954.
- إلغاء نظام العقود المبرمة مع الشركات البريطانية الخمس للمقاولة على أساس التكلفة زائد 15 في المئة من المكافآت، وطرح العقود الجديدة للتنمية لمبدأ المناقصات المفتوحة مع التوسع في قبول الشركات العالمية، إذ صرح رايلي المستشار الاقتصادي في المقيمية البريطانية في الخليج والمستقر آنذاك في الكويت بأن سبب مشكلة إعراض الكويتيين عن الاستعانة بخبرات البريطانيين بعد عام 1953م يرجع بشكل كبير إلى «الجنرال هاستید، مراقب الإنشاء، وليس لشركات المقاولة (الخمس) البريطانية، فهو الذي سمح لمجلس الإنشاء بالعمل على تقديرات (مالية لخطة التنمية) كان من المعروف أنها قد عفى عليها الزمن».
مهام جديدة وتطوير المشاريع
- في عام 1955م قدم مجلس الإنشاء، بحلته الجديدة كدائرة حكومية منفصلة، بعد أن فشل مشروع دمجه مع دائرة الأشغال العامة برنامج تعديل لخطة التنمية في الكويت، تم تصميمه لتغطية السنوات السبع القادمة حتى عام 1962م، وقد هدف البرنامج الجديد إلى الإسراع من وتيرة دراسة مشاريع التنمية العمرانية والاجتماعية والاقتصادية وطرحها والإشراف على تنفيذها لخطة عام 1952م. وكانت إحدى المهام الرئيسية لمجلس الإنشاء في هذه الفترة توسيع دائرة المقاولين المقبولين لتنفيذ المشاريع الكبرى في الخطة التنموية لتشمل الشركات المحلية والأجنبية على حد سواء، فقد تم تفعيل هذا القرار من خلال إنشاء لجنة فرعية في دائرة الأشغال العامة، وبخاصة المناقصات العامة، برئاسة الشيخ فهد السالم، لفحص عروض وعطاءات المقاولين والشركات واختيار أفضلها في التكلفة وأكثرها جودة.
- شملت خطة مجلس الإنشاء لعام 1955م في مختصرها إنشاء وتعزيز منشآت تحلية المياه الرئيسية في البلاد، وبناء أكثر من 2000 منزل، ومراكز شرطة، وميناء عميق، وعيادات، ومدارس، ومبان حكومية، ومكتبات عامة... إلخ.
واستمرت أعمال مجلس الإنشاء في مناقشة الموضوعات التي تهم مشاريع التنمية في البلاد، وذلك تحت رئاسة الشيخ فهد السالم، وحضور كل من مديري الدوائر الحكومية والخبراء العرب والأجانب، وكذلك بعض أعضاء المجلس الأعلى حتى بداية عام 1959م، ولكن عند وصول المجلس لهذه المرحلة الزمنية قررت حكومة الكويت تغيير مسارها بشكل ملحوظ، فقد أعلنت عزمها على تفادي كل معوقات الإصلاح الداخلية التي تواجهها من خلال صياغة القوانين اللازمة واللوائح المنظمة لعمل كل دوائرها ومؤسساتها وهيئاتها في البلاد، وأيضا من خلال الإعلان عن سعي البلاد لتحقيق استقلالها التام عن بريطانيا وقيادة مسيرتها المستقبلية في إطارها الإقليمي العربي والإسلامي والعالمي.
- دفع هذا القرار بقوة إلى إشراك جيل جديد من شباب الأسرة الحاكمة في الساحة الإدارية والسياسية للكويت.
- قدم الشيخ فهد السالم بعد ثلاثة أشهر من إجراء هذا التدوير الحكومي للحاكم كتاب استقالته من جميع مناصبه، تاركاً بذلك إرثاً كبيراً من العمل والإنجازات التي حققها لبلده، والتي امتدت مسيرتها لمدة تزيد على سبع عشرة سنة؛ ففي يونيو 1959م، وبعد أقل من أسبوعين من تقديم استقالته، توفي الشيخ فهد السالم أثناء زيارته لمنطقة الأحساء بالمملكة العربية السعودية، ونقل جثمانه إلى الكويت، وتمت مراسيم دفنه الرسمية بحضور عدد كبير من أقاربه ومحبيه.
نهاية الفترة الأولى (1959/1952)
- تولى مهمة الرئاسة في مجلس الإنشاء بعد استقالة الشيخ فهد السالم، وبدعم من أعضاء المجلس الأعلى، الشيخ سالم العلي الصباح نائب رئيس دائرة الأشغال العامة آنذاك، ابتداء من الجلسة رقم 445 بتاريخ 18 مايو 1959م وقد وجه الرئيس الجديد الكلمة التالية لأعضاء المجلس، والتي دلت على سعيه لاستكمال مسيرة سلفه في الإصلاح، وإدارة برامج التنظيم والتنمية للبلاد: «إن هذه أولى جلسات مجلس الإنشاء التي أحضرها معكم، وإنى إذ أرجو الله تعالى أن يوفقنا جميعا لما فيه الخير أطلب إليكم اتباع الصراحة التامة في مناقشتكم، وأن يكون هدف الجميع تحقيق المصلحة العامة، وتسهيل سير الأمور».
مجلس الإنشاء في فترته الثانية 1960 - 1963
- في 11 يناير 1960م عقدت أولى جلسات مجلس الإنشاء الجديد (الفترة الثانية) تحت مسمى «مجلس الإنشاء والتنمية الاقتصادية» فقد كان واضحا في هذا المجلس الجديد أنه قد تم الاستغناء عن عضوية مديري الدوائر الحكومية لتخفيف المهام الملقاة على عاتقهم بإدارة أعمال دوائرهم المتزايدة مع الالتزام بحضور جلسات مجلس الإنشاء، وذلك بإفساح المجال لغيرهم من رجال الكويت وأعيانها المعروفين غير العاملين في الحكومة للاشتراك في عضوية المجلس الجديدة فقد تولى رئاسة المجلس الجديد الشيخ سالم العلي الصباح.
- من الملاحظ في الاجتماع الأول للمجلس أن الأعضاء والرئيس كانوا يتساءلون عن نظام المجلس الجديد ومهامه، وهل صدر قانون لينظم عمله؟
- وعلى الرغم من إرسال الاستفسار السابق الذكر فقد استمرت أعمال مجلس الإنشاء والتنمية الاقتصادية بسماه الجديد وبناء على مهامه التي تولاها المجلس مسبقا في الفترة الأولى من عام 1952 حتى 1959م، ومنها: تخطيط المدينة، وتخطيط الطرق والمواصلات والمجاري والماء، وتخطيط الكهرباء والتلفون، والمشروعات العمرانية الخاصة بإقامة المباني والمنشآت وإعدادها للأغراض السكنية والتعليمية والصحية والخدمات الاجتماعية، والمشروعات الصناعية التي يكون من شأنها التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاج، وذلك دون تغيير حتى الاجتماع الحادي عشر الذي عقد في 13 يوليو 1960م وابتداء من الاجتماع الثاني عشر حتى الأخير حذفت كلمتا «التنمية الاقتصادية»، من المسمى الجديد للمجلس، وثبت الاسم القديم مجددا ليكون «مجلس الإنشاء» فقط ولم يذكر في متن المحضر الثاني عشر أي سبب واضح لإعادة المسمى القديم ولكن قرار حذف كلمتي «التنمية الاقتصادية» من المسمى يرجع بالأصل إلى استعانة الكويت بخيرات وجهود الدكتور الفلسطيني حسني أبوخليل.
1 - لم يكن لرغبة الشيخ عبدالله السالم وتطلعات الكويتيين في بناء الكويت الحديثة في بداية الخمسينيات من القرن العشرين مجال للتحقق دون مساعدة واستشارة خبرات البريطانيين وشركاتهم آنذاك.
٢- لا مجال للشك في أن الخبير هاستید كان له دور مهم وأساسي في صياغة اللمسات الأولى لخطة التنمية في الكويت وانطلاقها.
3- بسبب المشاكل المالية التي واجهت الكويت عامي 1952 و1953م نجح الشيخ فهد السالم في قيادة مسيرة التغيير داخل مجلس الإنشاء، وذلك بتجميد صلاحيات هاستيد في مقابل الاستعانة التدريجية بمجموعة من الخبراء والفنيين العرب.
4 - كان لتأسيس اللجنة التنفيذية العليا في عام 1954م، ومن ثم استبدال المجلس الأعلى بها في نهاية عام 1955م الدور الكبير والإصلاحي بالبلاد، مما أسهم في تحديد صلاحيات مجلس الإنشاء وتبعيته، وهيئته العامة بوصفه دائرة مستقلة من دوائر الحكومة الكويتية.
6 - مع تولي الشيخ سالم العلي رئاسة مجلس الإنشاء في يونيو 1959م، بدا التغيير أكثر وضوحا في مسيرة مجلس الإنشاء التي ساهمت أخيرا في إنهاء أعماله مبدئيا في نهاية 1959م ونهائيا في 1962م.
7 - كان لحصول الكويت على استقلالها التام في 19 يونيو 1961م، واستحداث مجلس وزرائها، الأثر الأعظم على مجلس الإنشاء، حيث تم تجميد جلساته ابتداء من يناير 1962م حتى تم اتخاذ قرار إنهائه واستحداث مجلس تخطيط جديد للبلاد، بعضوية عدد من أعضاء الحكومة الكويتية وبعض الأعيان.
- وأخيراً قاد مجلس الإنشاء مسيرة الإنشاء والإعمار في الكويت في فترة مهمة من تاريخ البلاد، فكثير مما نشهده في يومنا هذا؛ من معالم معمارية ومناطق سكنية وصناعية وطبية وتعليمية، قد تم تصميمه وإنشاؤه في عهد هذا المجلس، أو تم استكمال أعماله من بعد انتهاء أعماله في عام 1962م؛ لذلك فإن توفير سجلات وقائع محاضر هذا المجلس ستفتح المجال للكثير من الأبحاث المستقبلية في موضوعات مختلفة من تاريخ الكويت الحديث والمعاصر.
لتحقيق هذا الرؤية، ولتلبية طموحات الكويتيين في البدء بالتخطيط والإشراف على صياغة مستقبل دولة الكويت العمراني، وفي تأمين الوضع الاقتصادي والاجتماعي الأمثل للأجيال القادمة من الكويتيين، سعى الشيخ عبدالله السالم الصباح، ومعه عدد كبير من رجالات الكويت المؤسسين إلى استثمار كل الإمكانات المتاحة منذ عام 1950م، وفق ما تقتضيه ظروف المرحلة؛ فقد توقع الكويتيون أن تشمل خطط التنظيم المرتقبة والتنمية تغييراً جذرياً يشمل استحداث نقلة عصرية في التوزيع العادل لثروة النفط، وفي توفير المرافق والخدمات الحكومية اللازمة لنقل معيشة جل سكان الكويت من بيوتهم الطينية وشوارعهم الضيقة في العاصمة وفي القرى والجزر التابعة لها إلى ما حولهم وخارج مناطقهم من ضواح نموذجية مستحدثة ومتكاملة الخدمات الحكومية العامة، ففي حينها كان الكويتيون يرون ضرورة استثمار أراضي البلاد الممتدة لمساحة 18 ألف كيلومتر مربع تقريباً في بناء مختلف المناطق السكنية والصناعية والصحية والتعليمية والاستثمارية الحديثة في أنحاء البلاد.
طلب المساعدة الفنية البريطانية
لتلبية هذه الرغبة العارمة محلياً للتغيير لم يكن أمام الشيخ عبدالله السالم الصباح آنذاك إلا الاستعانة بخبرات الحكومة البريطانية في تحقيق خطط بلاده للتنمية الشاملة، فقد ربطته علاقات وثيقة مع البريطانيين مثلما كانت كذلك مع أسلافه منذ عهد جده الشيخ مبارك الصباح الأمير السابع للكويت (1896 – 1915م).
- مع نهاية عام 1950م قرر الشيخ عبدالله السالم الصباح تقديم طلب تعيين خبير بريطاني لممثله في لندن كمب (.H. T Kemp)، بهدف مساعدة الدوائر الحكومية الكويتية في المراقبة المالية، والتنسيق الهندسي المبدئي لخطة التنظيم المرتقبة.
- كان من بواكير تعاون الخبراء البريطانيين مع حكومة الكويت، ترشيح المستر كمب لاسم جي. سي. آل. كرايتون.G. C. L (Crichton) خبيرا مختصا في تنظيم الشؤون المالية، ومن ثم الجنرال ويليم فريك هاستيد General William Hasted، ليكون مراقبا لخطة التنمية الأولى بالبلاد.8 أشهر للانتهاء من التخطيط على يد شركات بريطانية عام 1951
- تم تكليف دائرة الأشغال العامة في بداية عام 1951م والاستعانة بخبرة الشركات العالمية لتحسين مظهر مدينة الكويت العام، ليكون على أعلى مستويات تنظيم المدن الحديثة والعصرية في منطقة الشرق الأوسط، وبالفعل اتفق مع شركة منوبريو وسبنسلي وبي دبليو ماكفرلين في لندن بأبريل 1951م على القيام بأعمال التخطيط والتنظيم لمدينة الكويت، والتي استمرت أعمالها نحو 8 أشهر.
- أيضا تم استحداث هيئة إدارية جديدة خاصة بالإشراف على وضع وتنسيق خطة التنظيم المرتقبة، والتي سميت مجلس الإنشاء (كذلك سميت في بعض الأحيان مجلس الإنشاءات ومجلس الإعمار، وذلك مع بداية عام 1952م).
الخطة استنزفت عائدات النفط السنوية
- بالرغم من الاجتهاد والطموح الواضح لمعد هذه الخطة الخمسية لانطلاق قطار التنمية في الكويت، والتي جرى العمل على تنفيذها في السنوات اللاحقة لعام 1952م والتي لاتزال آثارها بارزة على مظهر ومخطط تنظيم دولة الكويت الحالي في عام 2022م، فإن التكلفة العالية لتنفيذها، التي شارفت على مواكبة كامل مدخول الكويت السنوي من إيرادات النفط بعد سنتين من انطلاقها، قد تركت الأثر الكبير على وضع هاستيد وصلاحياته في مجلس الإنشاء؛ فخلاف ما صرح به هاستيد في خطته بأن تكلفة تنفيذ المشاريع ستكون ما بين خُمس وربع مدخول البلاد السنوي، وهو ما قدر في تكلفته النهائية لخمس سنوات بمبلغ يقارب 91 مليون جنيه إسترليني، فقد تضاعفت التكلفة لتصل إلى أكثر من نصف مدخول البلاد، وهو ما قدر بمبلغ 172 مليون جنيه إسترليني، مما ترك حالة من الاستياء وعدم الرضا الداخلي في الكويت تجاه سمعة الخبراء البريطانيين ومكانة الشركات البريطانية العاملة فيها.
- تجميد صلاحيات هاستيد التنفيذية بحلول مارس 1953م، والاكتفاء بمراجعة آرائه الفنية للمشاريع، ومن ثم تقديمه لاستقالته في عام 1954.
- إلغاء نظام العقود المبرمة مع الشركات البريطانية الخمس للمقاولة على أساس التكلفة زائد 15 في المئة من المكافآت، وطرح العقود الجديدة للتنمية لمبدأ المناقصات المفتوحة مع التوسع في قبول الشركات العالمية، إذ صرح رايلي المستشار الاقتصادي في المقيمية البريطانية في الخليج والمستقر آنذاك في الكويت بأن سبب مشكلة إعراض الكويتيين عن الاستعانة بخبرات البريطانيين بعد عام 1953م يرجع بشكل كبير إلى «الجنرال هاستید، مراقب الإنشاء، وليس لشركات المقاولة (الخمس) البريطانية، فهو الذي سمح لمجلس الإنشاء بالعمل على تقديرات (مالية لخطة التنمية) كان من المعروف أنها قد عفى عليها الزمن».
- في عام 1955م قدم مجلس الإنشاء، بحلته الجديدة كدائرة حكومية منفصلة، بعد أن فشل مشروع دمجه مع دائرة الأشغال العامة برنامج تعديل لخطة التنمية في الكويت، تم تصميمه لتغطية السنوات السبع القادمة حتى عام 1962م، وقد هدف البرنامج الجديد إلى الإسراع من وتيرة دراسة مشاريع التنمية العمرانية والاجتماعية والاقتصادية وطرحها والإشراف على تنفيذها لخطة عام 1952م. وكانت إحدى المهام الرئيسية لمجلس الإنشاء في هذه الفترة توسيع دائرة المقاولين المقبولين لتنفيذ المشاريع الكبرى في الخطة التنموية لتشمل الشركات المحلية والأجنبية على حد سواء، فقد تم تفعيل هذا القرار من خلال إنشاء لجنة فرعية في دائرة الأشغال العامة، وبخاصة المناقصات العامة، برئاسة الشيخ فهد السالم، لفحص عروض وعطاءات المقاولين والشركات واختيار أفضلها في التكلفة وأكثرها جودة.
- شملت خطة مجلس الإنشاء لعام 1955م في مختصرها إنشاء وتعزيز منشآت تحلية المياه الرئيسية في البلاد، وبناء أكثر من 2000 منزل، ومراكز شرطة، وميناء عميق، وعيادات، ومدارس، ومبان حكومية، ومكتبات عامة... إلخ.
واستمرت أعمال مجلس الإنشاء في مناقشة الموضوعات التي تهم مشاريع التنمية في البلاد، وذلك تحت رئاسة الشيخ فهد السالم، وحضور كل من مديري الدوائر الحكومية والخبراء العرب والأجانب، وكذلك بعض أعضاء المجلس الأعلى حتى بداية عام 1959م، ولكن عند وصول المجلس لهذه المرحلة الزمنية قررت حكومة الكويت تغيير مسارها بشكل ملحوظ، فقد أعلنت عزمها على تفادي كل معوقات الإصلاح الداخلية التي تواجهها من خلال صياغة القوانين اللازمة واللوائح المنظمة لعمل كل دوائرها ومؤسساتها وهيئاتها في البلاد، وأيضا من خلال الإعلان عن سعي البلاد لتحقيق استقلالها التام عن بريطانيا وقيادة مسيرتها المستقبلية في إطارها الإقليمي العربي والإسلامي والعالمي.
- فمع بداية عام 1959م اتخذ الشيخ عبدالله السالم قرارات مهمة ساهمت في تصويب مسار الإصلاح والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والإدارية في الكويت، فقد انطلقت هذه القرارات في فبراير 1959م بإجراء تدوير ملموس لمناصب بعض رؤساء الدوائر الحكومية الكويتية، ولحق ذلك فوراً قرار مواكب بالاستعانة بعدد من خبراء القانون العرب لصياغة القوانين واللوائح الضرورية لتنظيم الإدارة في البلاد. فلم تكتف حكومة الكويت، ممثلة بالمجلس الأعلى في حينها بذلك، بل أيضا استقبلت خبرات هيئة الأمم المتحدة والبنك الدولي لدراسة النظم الإدارية والمالية في البلاد، لإبداء ملاحظاتهم عليها، ومن ثم توجيهها لتواكب أساسيات نظم التطور العالمية للدول النامية.تقديرات هاستيد الخاطئة لتكلفة الخطة العمرانية عجلت بإقصائه وتجميد صلاحياته من قبل الشيخ فهد السالم
- دفع هذا القرار بقوة إلى إشراك جيل جديد من شباب الأسرة الحاكمة في الساحة الإدارية والسياسية للكويت.
- قدم الشيخ فهد السالم بعد ثلاثة أشهر من إجراء هذا التدوير الحكومي للحاكم كتاب استقالته من جميع مناصبه، تاركاً بذلك إرثاً كبيراً من العمل والإنجازات التي حققها لبلده، والتي امتدت مسيرتها لمدة تزيد على سبع عشرة سنة؛ ففي يونيو 1959م، وبعد أقل من أسبوعين من تقديم استقالته، توفي الشيخ فهد السالم أثناء زيارته لمنطقة الأحساء بالمملكة العربية السعودية، ونقل جثمانه إلى الكويت، وتمت مراسيم دفنه الرسمية بحضور عدد كبير من أقاربه ومحبيه.
نهاية الفترة الأولى (1959/1952)
- تولى مهمة الرئاسة في مجلس الإنشاء بعد استقالة الشيخ فهد السالم، وبدعم من أعضاء المجلس الأعلى، الشيخ سالم العلي الصباح نائب رئيس دائرة الأشغال العامة آنذاك، ابتداء من الجلسة رقم 445 بتاريخ 18 مايو 1959م وقد وجه الرئيس الجديد الكلمة التالية لأعضاء المجلس، والتي دلت على سعيه لاستكمال مسيرة سلفه في الإصلاح، وإدارة برامج التنظيم والتنمية للبلاد: «إن هذه أولى جلسات مجلس الإنشاء التي أحضرها معكم، وإنى إذ أرجو الله تعالى أن يوفقنا جميعا لما فيه الخير أطلب إليكم اتباع الصراحة التامة في مناقشتكم، وأن يكون هدف الجميع تحقيق المصلحة العامة، وتسهيل سير الأمور».
- ومع تولي الشيخ سالم العلي رئاسة مجلس الإنشاء، بدأ التغيير يبرز على مسيرة المجلس التي أشرف على إدارتها منذ نهاية عام 1952م الشيخ فهد السالم، فقد ظهرت بعد فترة وجيزة من تولي الرئيس الجديد ملامح وعلامات التطور والتكيف تتناسب مع مسار الكويت الحديث نحو بناء مؤسساتها الإدارية الداخلية وتحقيق استقلالها التام عن بريطانيا، وقد جاء أول تغيير بتاريخ 28 ديسمبر 1959م. عندما أعلن الرئيس الجديد أن هذا التاريخ هو للاجتماع الأخير لمجلس الإنشاء، وهو برقم 472، فقد انتهى تلك اللحظة دور مجلس الإنشاء بحلته القديمة بأمر من المجلس الأعلى، وبدء عهد جديد باستحداث مجلس بديل مع بدايات عام 1960م (الفترة الثانية). يضم في تشكيله عدداً من الأعضاء الجدد على أن يكون له لوائح ونظام واضح ينشر في جريدة الكويت اليوم، ويهدف إلى تفصيل مهامه، وتبيان تبعيته الإدارية في داخل الجهاز الهيكلي الجديد للحكومة الكويتية.عقب تولي الشيخ سالم العلي رئاسة مجلس الإنشاء أجريت عملية تغيير واسعة في الصلاحيات والأعضاء
مجلس الإنشاء في فترته الثانية 1960 - 1963
- في 11 يناير 1960م عقدت أولى جلسات مجلس الإنشاء الجديد (الفترة الثانية) تحت مسمى «مجلس الإنشاء والتنمية الاقتصادية» فقد كان واضحا في هذا المجلس الجديد أنه قد تم الاستغناء عن عضوية مديري الدوائر الحكومية لتخفيف المهام الملقاة على عاتقهم بإدارة أعمال دوائرهم المتزايدة مع الالتزام بحضور جلسات مجلس الإنشاء، وذلك بإفساح المجال لغيرهم من رجال الكويت وأعيانها المعروفين غير العاملين في الحكومة للاشتراك في عضوية المجلس الجديدة فقد تولى رئاسة المجلس الجديد الشيخ سالم العلي الصباح.
- من الملاحظ في الاجتماع الأول للمجلس أن الأعضاء والرئيس كانوا يتساءلون عن نظام المجلس الجديد ومهامه، وهل صدر قانون لينظم عمله؟
- وعلى الرغم من إرسال الاستفسار السابق الذكر فقد استمرت أعمال مجلس الإنشاء والتنمية الاقتصادية بسماه الجديد وبناء على مهامه التي تولاها المجلس مسبقا في الفترة الأولى من عام 1952 حتى 1959م، ومنها: تخطيط المدينة، وتخطيط الطرق والمواصلات والمجاري والماء، وتخطيط الكهرباء والتلفون، والمشروعات العمرانية الخاصة بإقامة المباني والمنشآت وإعدادها للأغراض السكنية والتعليمية والصحية والخدمات الاجتماعية، والمشروعات الصناعية التي يكون من شأنها التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاج، وذلك دون تغيير حتى الاجتماع الحادي عشر الذي عقد في 13 يوليو 1960م وابتداء من الاجتماع الثاني عشر حتى الأخير حذفت كلمتا «التنمية الاقتصادية»، من المسمى الجديد للمجلس، وثبت الاسم القديم مجددا ليكون «مجلس الإنشاء» فقط ولم يذكر في متن المحضر الثاني عشر أي سبب واضح لإعادة المسمى القديم ولكن قرار حذف كلمتي «التنمية الاقتصادية» من المسمى يرجع بالأصل إلى استعانة الكويت بخيرات وجهود الدكتور الفلسطيني حسني أبوخليل.
ماذا حقق المجلس من إنجازات؟
استمرت مسيرة مجلس الإنشاء مدة 10 سنوات، ابتدأت بأول اجتماع في 5 فبراير 1952م وانتهت في 6 يناير 1962 أنتجت ما يلي:1 - لم يكن لرغبة الشيخ عبدالله السالم وتطلعات الكويتيين في بناء الكويت الحديثة في بداية الخمسينيات من القرن العشرين مجال للتحقق دون مساعدة واستشارة خبرات البريطانيين وشركاتهم آنذاك.
٢- لا مجال للشك في أن الخبير هاستید كان له دور مهم وأساسي في صياغة اللمسات الأولى لخطة التنمية في الكويت وانطلاقها.
3- بسبب المشاكل المالية التي واجهت الكويت عامي 1952 و1953م نجح الشيخ فهد السالم في قيادة مسيرة التغيير داخل مجلس الإنشاء، وذلك بتجميد صلاحيات هاستيد في مقابل الاستعانة التدريجية بمجموعة من الخبراء والفنيين العرب.
4 - كان لتأسيس اللجنة التنفيذية العليا في عام 1954م، ومن ثم استبدال المجلس الأعلى بها في نهاية عام 1955م الدور الكبير والإصلاحي بالبلاد، مما أسهم في تحديد صلاحيات مجلس الإنشاء وتبعيته، وهيئته العامة بوصفه دائرة مستقلة من دوائر الحكومة الكويتية.
5 - كان مسار التغيير والإصلاح الإداري كبيرا في الكويت عام 1959م، مما لم يترك مجالا أمام الشيخ فهد السالم للاستمرار رئيسا لمجلس الإنشاء.الحكومة الكويتية استعانت بالخبيرين الإنكليزيين كرايتون وهاستيد في خطة التنظيم
6 - مع تولي الشيخ سالم العلي رئاسة مجلس الإنشاء في يونيو 1959م، بدا التغيير أكثر وضوحا في مسيرة مجلس الإنشاء التي ساهمت أخيرا في إنهاء أعماله مبدئيا في نهاية 1959م ونهائيا في 1962م.
7 - كان لحصول الكويت على استقلالها التام في 19 يونيو 1961م، واستحداث مجلس وزرائها، الأثر الأعظم على مجلس الإنشاء، حيث تم تجميد جلساته ابتداء من يناير 1962م حتى تم اتخاذ قرار إنهائه واستحداث مجلس تخطيط جديد للبلاد، بعضوية عدد من أعضاء الحكومة الكويتية وبعض الأعيان.
- وأخيراً قاد مجلس الإنشاء مسيرة الإنشاء والإعمار في الكويت في فترة مهمة من تاريخ البلاد، فكثير مما نشهده في يومنا هذا؛ من معالم معمارية ومناطق سكنية وصناعية وطبية وتعليمية، قد تم تصميمه وإنشاؤه في عهد هذا المجلس، أو تم استكمال أعماله من بعد انتهاء أعماله في عام 1962م؛ لذلك فإن توفير سجلات وقائع محاضر هذا المجلس ستفتح المجال للكثير من الأبحاث المستقبلية في موضوعات مختلفة من تاريخ الكويت الحديث والمعاصر.