انتهى مجلس 2022 بتلك العبارات للمحكمة الدستورية «فإنّ الخلافات وعدم التعاون بين مجلس الأمة (مجلس 2020) والحكومة السابقة (حكومة الشيخ صباح الخالد) يكون قد انتهى أمره وزال أثرُه، إلّا أن الوزارة الجديدة قد استهلت أعمالها في اليوم التالي لتشكيلها بطلب حل مجلس الأمة دون أن تتبين موقف ذلك المجلس منها ومدى إمكان التعاون بينهما..»، وعلى ذلك، فإنّ مرسوم حل مجلس 2020 «يكون مفتقداً للسبب المبرر له مخالفاً الضوابط الدستورية سالفة البيان...».

وذهب مجلس 2022 مع ريح أسباب حكم المحكمة، وغابت الحدود القاطعة في التسبيب بين السياسي، وهذا أمر مرن متغير يفتقد الاستقرار وتغلب عليه المصالح السياسية الآنية، والسبب القانوني الذي يثبت الاستقرار والمراكز القانونية وحقوق الأفراد، فهل من جدوى الآن للنقاش عن حكم المحكمة وما يجب صنعه وما لا يجب في وضع الحدود الفاصلة بين الأمرين، فتلك في النهاية هي مؤسسات الدولة، وبقدر وعي سلطة الحكم وثقافة الجمهور وعقلانية النخب السياسية، يمكن أن تتقدم تلك المؤسسات أو تبقى رهينة سلطة الحكم الواحدة، ولا شيء غير ذلك.

Ad

الأخطر مما سبق هو الإجابة عن سؤال: إلى متى تظل الدولة بحالة التخشّب هذه، ويبقى مستقبلها سجيناً لعشوائية القرار عند الإدارة السياسية وعجزها عن حسم الأمور؟ لم يعد البسطاء ينظرون إلى دول بعيدة ويقولون «شوفوا سنغافورة... شوفوا دول جنوب شرق آسيا... لم تكن تملك الموارد الاقتصادية.. وإنما بإرادة قوى الحكم وعزمها على الإصلاح مهما بلغت تكاليفه قفزت نحو التقدم»... الآن ينظر الناس إلى دول قريبة، يتابعون بدهشة وإعجاب التجربة السعودية في التحديث والانفتاح وتنويع مصادر الدخل، مثلما كانوا يتفرجون قبلها على دولة الإمارات وبقية دول الخليج التي انتبهت إلى تحديات الغد.

أين نحن الآن؟ لسنا السويد ولا الدنمارك في الديموقراطية والحريات، ولسنا مثل بقية دول الخليج التي وعت لغدها الاقتصادي وشرعت في التنفيذ. ماذا لدينا... غير متابعة صراعات السلطة وخلافاتها وانتخابات شكلية، ثم حل المجالس، ثم انتخابات، ثم إبطال ووزارة جديدة وأخرى قديمة، وكلها إنتاج ببراءة اختراع مصانع البخاصة؟

ماذا لدينا... غير التذمّر من الحال التي أصبحت هواية لقضاء أوقات الفراغ والملل الطويل؟ ماذا لدينا... غير متابعة صور المسؤولين بالجرائد يوزّعون الابتسامات بالجملة على إنجازاتهم الباهرة في عالم سمج غير مبهر أبداً... ماذا لدينا الآن؟