قال سمو الشيخ ناصر المحمد إن «الاحتفال باليوم العالمي للفرانكوفونية يتزامن مع احتفالاتنا في الكويت بأعيادنا الوطنية، وهي مناسبة نتذكر فيها الدول الفرانكوفونية التي وقفت معنا وأيّدتنا ودعمتنا إبان تحرير بلادنا، ونحن ننتهز أي مناسبة لنشيد بمواقف من ساندنا من كل دول العالم، ونعبّر له عن امتناننا المستمر، كما أننا نتابع في هذه المناسبة كل المستجدات التي تطرأ على العلاقة الكويتية - الفرانكوفونية، ونحن فخورون بما وصلنا إليه، ونتطلع إلى نشر اللغة الفرنسية وتعليمها على نطاق أوسع».

كلام المحمد جاء في كلمة ألقاها باللغة الفرنسية خلال مشاركته في حفل اقامته السفيرة الفرنسية كلير لوفليشر في دارتها، مساء امس الأول، بمناسبة اليوم العالمي للفرانكوفونية، واختتام الشهر الفرانكوفوني، بحضور حشد كبير من السفراء المعتمدين والمواطنين.

Ad

الثقافة واختراق العزلة

وأضاف المحمد، ان «الاحتفال باليوم العالمي للفرانكوفونية، هو احتفال ظل مستمراً لأكثر من عقد من الزمن، ولم ينقطع إلا خلال فترة الحظر العالمية التي فرضتها جائحة كورونا»، مشيراً إلى أن «تجربة الانقطاع والحظر كشفت لنا عن تأثير الثقافة وأهميتها، فباتت الكتب والمطبوعات خير جليس، وكانت المواد الثقافية التي تبثها وسائل الإعلام والتواصل الإلكتروني خير أنيس، وتبين أن قوة الثقافة لا تكمن في قدرتها على اختراق العزلة فحسب، بل في أنسها وجاذبيتها»، معرباً عن سعادته بمشاركته طوال السنوات الماضية في هذا الحدث، تعبيراً منه عن تقديره وإعجابه بالفرانكوفونية «وما تقوم به من خدمة للحوار والتنوع بين الثقافات في عالم يتجه نحو العولمة».

وأوضح أنه «طالما أن لكل شعوب العالم ثقافاتها وحضاراتها، فإن التأثير المتبادل بين الثقافات يبدو أمراً محسوماً، وبالأخص إذا ما كان يوجد بين الشعوب جوار دائم وتاريخ مشترك، وهو ما يبدو جلياً بين الثقافة الغربية والثقافة العربية، فلم تكن المواجهات العسكرية التي شهدها العالم كلها حروبا، بل ساهمت في نقل الحضارة العربية إلى الغرب ونقل الحضارة الغربية إلى العرب».

وتابع: لقد أدّى هذا التبادل إلى تأسيس مدارس الترجمة، وتمت الاستعانة بكبار المختصين من المسلمين واليهود والمسيحيين لنقل الكتب العربية الى اللغة اللاتينية، الأمر الذي نتج عنه دخول مفردات اللغة العربية إلى اللغة اللاتينية وبقية اللغات الأوروبية، لافتا إلى أن «الفرانكوفونية لعبت في تاريخنا المعاصر دوراً فاعلاً في حركة النهضة العربية، فلقد كانت الثقافة الفرانكوفونية مصدر إلهام لكثير من الرواد التنويريين العرب وكانت المحاولات الأولى لبناء الدولة الحديثة في مصر تتخذ من فرنسا نموذجا تحتذيه، وقد بنيت القاهرة وبيروت وفقاً لطابع باريس المعماري، كما استقبلت الجامعات الفرنسية والسويسرية والبلجيكية الوفود الطلابية العربية الأولى، وهي التي سجل بداياتها المفكرون العرب ومنهم رفاعة الطهطاوي في مصر، وبطرس البستاني في سورية».

وقال المحمد: كما كانت مبادئ الثورة الفرنسية مصدر إلهام لكثير من المفكرين العرب في القرن التاسع عشر، فمن وحيها ألفوا جمعياتهم وأصدروا صحفهم وكتبوا أدبياتهم وحاربوا الاستبداد ونادوا بالحريات وطالبوا بالديموقراطية حتى وصل التأثر بالثقافة الفرانكوفونية إلى قيام حوارات داخل العالم العربي حول الحداثة والأصالة تأثرا بفلاسفة عصر التنوير الأوروبي، وطوال تلك الفترة كانت الفرانكوفونية هي المفتاح الذي استخدمه العرب للتواصل مع الحضارة الغربية، مشيرا إلى «أن المثقفين استخدموها للتعرف على الحداثة، واستخدمها الساسة في سلكهم الدبلوماسي، واستخدمها المشرعون لصياغة القوانين، ولهذا كله فإن علاقتنا نحن العرب بالفرانكوفونية علاقة مرتبطة بتكوين وتشكيل النهضة العربية الحديثة».

الكويت والفرانكفونية

من جانبها، قالت السفيرة الفرنسية، ان «الكويت بلد محب للفرنسية والفرانكوفونية، بفضل محبي الفرنسية وقبل كل شيء عمل سمو الشيخ ناصر المحمد، فهو والد الفرانكوفونية في الكويت، الذي بدأ أول الإجراءات لصالحها، منذ الثمانينيات، ولهذا السبب، اختاره مجلس تعزيز الفرانكوفونية في الكويت بالإجماع رئيساً شرفياً»، معربة عن شكرها لسموه على استثماره الثابت في خدمة الفرانكوفونية.

وأشادت لوفليشر بكلمة المحمد، وقالت انه يؤكد مرة أخرى التزامه بالفرانكوفونية، فضلاً عن منظور لا مثيل له حول هذا الموضوع.

وأشارت إلى أن «الفرنسية لغة غارقة في التاريخ ولكن أيضا، قبل كل شيء، لغة المستقبل في العالم، فهي اللغة الخامسة في العالم، وأكثر من 235 مليون شخص يتحدثون الفرنسية يوميا، وحوالي 300 مليون قادرون على التعبير عن أنفسهم باللغة الفرنسية».

وتابعت: الفرانكوفونية هي حركة لأنها تتكيف وتثري نفسها بكلمات وتعابير من جميع أنحاء العالم، إنها أيضا مساحة سياسية واقتصادية واسعة تعزز المشاركة وتبادل الأفكار والمعرفة، فهي تحمل قيما عالمية مشتركة تدعو إلى السلام، والوصول إلى التعليم للجميع، واقتصاد قائم على المشاركة والتنمية المستدامة.

وقالت: لقد فهمت الكويت هذا الموقف في وقت مبكر جدًا، وراهنت على تدريس اللغة الفرنسية منذ عام 1966، ومنذ ذلك الحين، ومن دون أي انقطاع، يدرس طلاب المدارس الثانوية اللغة الفرنسية كل عام.

وأعربت عن شكرها لوزارة التربية والتوجيه العام لتعليم اللغة الفرنسية لتواصلهما مع السفارة لتعزيز هذا التعاون.

وقالت: «بفضل هذا المجهود، تعد اللغة الفرنسية حاليًا هي اللغة الثالثة التي يتم تدريسها في الكويت، وهي علامة على العلاقات القوية والدائمة بين بلدينا».