أعاد الباحث المتخصص في الدراسات التاريخية والروائي، مصطفى عبيد إلى رواد الصناعة في مصر اعتبارهم، وهم سبعة خواجات، سأبدأ بذكر الأسماء والتعريف بهم:

• هنري نوس (بلجيكي) باني صناعة السكر في مصر ومؤسس اتحاد الصناعات.

Ad

• صموئيل سورناجا (إيطالي) رائد صناعة البناء والخزف.

• ثوخارس كوتسيكا (يوناني) إمبراطور صناعة الكحول والعطور، وصاحب أول مصنع لإنتاج الكحول، ينتمي إلى أهم جالية أجنبية، وهي الجالية اليونانية.

• لينوس جاش (سويسري) الأب الروحي لصناعات الغزل والنسيج، عاش 50 عاما في مصر.

• جوزيف ماتوسيان (أرمني) ملك صناعة السجائر.

• أرنست ترامبلي (سويسري) الأب الروحي لصناعة الأسمنت.

• الكونت دي زغيب (لبناني– من أبناء بلاد الشام) رائد الصناعات الغذائية وصانع المربى الأول ولديه استثمارات في الزراعة.

تعمدت كتابة أسماء هؤلاء لأنهم تعرضوا لأبشع أنواع الظلم بتجاهل سيرهم وما قدموه إلى مصر، وهؤلاء ينطبق عليهم القول «المظلومون في التاريخ المصري».

لقد عملوا لسنوات طويلة لخدمة الصناعات الوطنية، طمست أعمالهم بعد ثورة 23 يوليو سنة 1952 ضمن حملات اتهام كل أجنبي بالاستغلال، والنظرة إلى كل خواجة باعتباره لصاً وناهباً للثروات!

الكتاب الصادر حديثاً عن الدار المصرية اللبنانية، سعى مؤلفه إلى إعادة قراءة تاريخ الرأسمالية الأجنبية قبل ثورة 23 يوليو، فقد هاله ما اكتشفه من حسنات وإنجازات لتلك الرأسمالية.

مبعث الدهشة وفق تعبير الكاتب مصطفى عبيد أن معظم الكتابات التي تناولت «الرأسمالية الأجنبية» في مصر استقبحتها ولم تعترف لها بأي حسنة، فقد تحول كل رأسمالي أجنبي بعد ثورة جمال عبدالناصر في الخمسينيات إلى شيطان مستغل، وتم تزوير أعمال عظيمة ليقترن مصطلح الاستثمار الأجنبي في مصر باللصوصية والنهب وهيمنة الاستعمار!

أعتقد أن ما أقدم عليه الروائي مصطفى عبيد من أهم الكتب التي صدرت حديثاً في مصر، وتناولت موضوعاً في غاية الأهمية، فعمل على إنصاف بشر جريمتهم أنهم «أجانب»! لذلك كان المشروع هو رد اعتبار للرأسمالية الأجنبية من خلال سرد سيرة سبعة رجال أجانب، كانت لهم الريادة والسبق في بناء وتطوير وتنظيم الصناعة المصرية.

أبطال الكتاب على حد تعبير الباحث عبيد، هم خواجات قدموا من بلدان مختلفة، واستقروا في مصر، وتركوا بصماتهم على أحد جدران مصر الحديثة وهي الصناعة.

أصابني الذهول عند قراءة تاريخ هؤلاء الخواجات الذين لهم بصمات لا تنسى جرت محاولات لإبعادهم عن الصورة وحقائق التاريخ وبطريقة متعمدة.

الكتاب برأيي محاكمة لبعض كتّاب تاريخ مصر بعد ثورة 23 يوليو 1952، الذين خدعوا أنفسهم وبلدهم قبل الأجنبي، هؤلاء المطبّلون تجدهم في عموم الأنظمة التي نهجت الشمولية وحكم الفرد، فقد ألغت كل ما قبلها وقدمت الحاكم بصورة «البطل الذي لا يخطئ»!