لم يمض أسبوعان على مقالي السابق الذي تناولت فيه موضوع برنامج المحاكاة والذكاء الاصطناعي Chatgpt والمخاطر المتصلة به، إلا وقد ظهرت دور النشر العلمية المرموقة على مستوى العالم بسياسات و«بوليصة» للتعامل مع هذا الكائن في الفضاء الإلكتروني الذي يعتبر «مسخا» غريبا عن عالم سياسات البحث والتطوير العلمي.
استنكرت وحذرت في مقالي السابق مما يتعلق باتخاذ Chatgpt كمؤلف مشارك في الأبحاث، كما حذرت من تسييسه ودخوله عالم السياسة من بعد جمعه المعلومات ومعرفة ثغرات ونقاط القوة والضعف للحكومات، ومن بعد ذلك يصبح الإنسان هو «الآلة» لا المتحكم في مصيرها، وسبحانك ربي ما أعظمك، وكأن هناك أذناً تصغي لي عبر المحيطين الأطلسي والهادي، لتخرج أول سياسة تحكم البحث العلمي وأنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل عام تحديداً يوم الجمعة صباحا بتوقيت دولة الكويت، ومن بعد ذلك تتوالى مناشير السياسات من دور النشر الأخرى.
تتصل تلك السياسة المنشورة بلوائح وأنظمة تنص بوضوح على أن أي نظام ذكاء اصطناعي يحذر من التعاطي معه كمؤلف بالنشر والأبحاث، تأتي تلك النقطة المحورية إثر ما أثاره موضوع النشر مع جامعة مانشستر الذي ناقشته في مقالي الأسبق، ولأن السياسة الحاكمة للوائح النشر الجديدة الآن تنص بوضوح على أن «التعامل مع مثل تلك الأنظمة الخاصة بالذكاء الاصطناعي هي لتطوير وتحسين اللغة ولغة البحث وتستخدم في إطار لا يدخل في استنباط واستخلاص النتائج».
وعليه فليس من البدهي التعامل معه كمؤلف، وبهذا نحن أمام خطوة للأمام في إطار تقنين التعامل مع برامج كهذه، نعم يمكن لـChatgpt أن يكتسب مهارات مخيفة عبر الأيام والأزمان، إلا أن التعاطي معه كمؤلف مستقل هو أمر يضفي شرعية غير منطقية على برنامج وآلة في النهاية.
كما برزت نقطة جوهرية في آخر سياسات التعاطي مع تلك المنصات، وهي وجوب وضع ونشر إقرار بأن المنشور ذاته قد استخدم منصة ذكاء اصطناعي، فبهذا الإقرار تتم معرفة أن هذا البحث قد واكب الزمن واستخدم الذكاء الاصطناعي في مكان أو في آخر، وفي الوقت نفسه أعطى صبغة القصور على المناشير العلمية التي لا تستخدم مثل تلك التقنيات في المستقبل.
ومع تلك التطورات التي تحدث على مدار الساعة والإمكانات الخارقة لمثل تلك المنصات التي أصبحت حديث الساعة، لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نذكر المسؤولين في دولة الكويت بها، ونحرص على مراجعة كل السياسات المتصلة بهذا التطور.