في خطوة أثارت انتقادات فلسطينية وعربية، أقر «الكنيست» (البرلمان) الإسرائيلي، أمس، إلغاء قانون فكّ الارتباط الموقّع في 2005، أمس، الذي ألغى أحقية الوجود الإسرائيلي في 4 مستوطنات تم إخلاؤها في الضفة الغربية المحتلة، وتم تمرير التشريع في القراءتين الثانية والثالثة بأغلبية 31 مقابل 18 صوتاً، مما جعله قانوناً.

ويمهّد التشريع الجديد الطريق أمام الإسرائيليين للعودة إلى المواقع السابقة، بعد حظر دام 18 عاماً، لتحقق حركة الاستيطان الإسرائيلية بذلك نصراً كبيراً. وأشاد وزير المالية الإسرائيلي المثير للجدل، بتسلئيل سموتريتش، الذي سبق أن دعا إلى محو قرية حوارة الفلسطينية، بخطوة «الكنيست»، ووصفها بأنها «تصحيح تاريخي».

Ad

في موازاة ذلك، اعتبر وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أن «إلغاء القانون هو بداية تصحيح لظلم تاريخي». وأضاف: «أنا فخور بالمشاركة في عودة الشعب الإسرائيلي إلى جميع مناطق بلادنا».

في المقابل، ندد رئيس المعارضة البرلمانية، يائير لابيد، بإلغاء قانون فك الارتباط، ونشر تعقيباً من 3 أجزاء جاء فيه: «3 أشهر على تشكيل الحكومة، وإليكم إنجازاتها: «في الاقتصاد: غلاء المعيشة يسجّل قفزة، التضخم الأعلى منذ عقدين، تقييم خسارة الإيرادات: 30 مليارا على الأقل. في الأمن: العمليات الأكبر منذ عقد، الصواريخ من غزة عادت، المخربون يدخلون من لبنان لأول مرة منذ سنوات، العنف في الشوارع يزداد، الفوضى القيمية تعمّ الجيش الإسرائيلي والشرطة، وكبار المسؤولين في جهاز الأمن يحذّرون من ضرب الجاهزية العملياتية للجيش الإسرائيلي خلال شهر».

وأضاف: «في السياسة الخارجية: الولايات المتحدة تبتعد عنّا، وتوقّف التطبيع مع دول الخليج، والأردن يبتعد، ورئيس الوزراء يتلقى توبيخاً أينما ولّى أنظاره. في المجتمع الإسرائيلي: أمة إسرائيل ممزقة. لكنّ المهم هو أن قانون الهدايا والرشوة قد تم تمريره... وكل هذا في 3 أشهر!».

وبعد موافقة «الكنيست» على إلغاء قانون 2005 الخاص بفكّ الارتباط عن مستوطنات شمال الضفة الغربية، أشار بعض أعضاء الائتلاف اليميني للحكومة إلى أن عودة الإسرائيليين إلى التجمّع الاستيطاني غوش قطيف في جنوب قطاع غزة ستكون هدفهم التالي. وكانت إسرائيل قد انسحبت عام 2005، من جانب واحد، من جميع المستوطنات في غزة و4 في شمال الضفة.

في المقابل، قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة إن الإجراء الإسرائيلي «مدان ومرفوض، ومخالف لكل قرارات الشرعية الدولية»، مضيفا أن الحكومة الإسرائيلية مصرة على إفشال الجهود الدولية لمنع التصعيد.

وطالب أبوردينة المجتمع الدولي، وخاصة الادارة الأميركية، بالضغط على الحكومة الإسرائيلية، وإجبارها على وقف سياساتها الأحادية.

وحذرت بعثة الاتحاد الأوروبي بإسرائيل من أن إلغاء الكنيست لمواد بقانون فك الارتباط له نتائج عكسية على جهود وقف التصعيد، فيما وصفت الخارجية الفرنسية تصريحات سموتريتش التي تضمنت نفي وجود شعب فلسطيني بأنها شائنة وغير مسؤولة.

نتنياهو وبايدن

وبعد دخول الائتلاف الديني القومي المتشدد بقيادته في صدامات حادة ضد المعارضة الإسرائيلية بالداخل والفلسطينيين بالأراضي المحتلة، منذ تسلّمه السلطة قبل نحو 3 أشهر، أكدت أوساط عبرية، أمس، أن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حذّروا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من زيارة العاصمة الأميركية واشنطن في الوقت الحالي، لأنه سيواجه انتقادات علنية.

وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أنه «وعلى خلفية عدم دعوة نتنياهو لزيارة البيت الأبيض، نقل مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية رسالة لرئيس الوزراء مفادها أنه من الأفضل عدم القدوم في هذا الوقت».

وجاءت رسالة المسؤولين الأميركيين على أثر مخاوف من انتقاد علني يطلقه بايدن لخطة ائتلاف نتنياهو القضائية التي تصفها المعارضة الإسرائيلية بـ «الانقلاب على الديموقراطية» والتي كان آخر تداعياتها تهديد وزير الدفاع، يواف غالانت، بالانسحاب من الحكومة.

وأوضحت الإذاعة أن «التحذير الأميركي يأتي على خلفية مواصلة الائتلاف الحكومي الترويج لخطة الإصلاح المثيرة للجدل، بعد إدخال تعديلات محدودة عليها».

وفي حين تشير عدم دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارة البيت الأبيض إلى توتر العلاقات بين تل أبيب وواشنطن، أبلغ بايدن نتنياهو، خلال مكالمتهما الهاتفية التي جرت الأحد الماضي، أنه لم يرَ أبداً مثل هذه المستويات من القلق لدى الجمهور الإسرائيلي بشأن الوضع السياسي، على مدى عشرات السنوات لعلاقاته مع إسرائيل. وحسب تقارير عبرية، فإن بايدن أكد لنتنياهو «ضرورة إجراء تغييرات جوهرية بالخطة مع قاعدة عريضة قدر الإمكان من الدعم الشعبي».

كما يأتي تحذير إدارة بايدن لنتنياهو، بعد تصريحات مدوية أطلقها الوزير سموتريتش، اعتبر فيها أنه لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني.

وأشعلت التصريحات «العنصرية» التي أطلقها سموتريتش، نار الانتقادات الدولية، من جهة، وغضب واشنطن التي سعت على مدار الأيام القليلة الماضية إلى احتواء التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين قبل حلول شهر رمضان.

غضب وتهدئة

في غضون ذلك، حذّر وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، من أن على الحكومة الإسرائيلية أن تقول بشكل واضح إن تصريحات وزير المالية لا تمثّلها.

وأكد الصفدي، أمس، أن تصريحات سموتريتش تحريضية، ولن تنال منّا ونحذّر من خطورة هذا الفكر المتطرف، وأوضح أن المملكة ستتخذ المواقف اللازمة في حال تصاعد الاستفزازات.

وبادر مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، إلى الاتصال بالصفدي لتأكيد بلده احترام حدود المملكة، فضلا عن أن وزارة الخارجية الإسرائيلية وصفت تصرّف الوزير، الحديث العهد، بالخطوة الطائشة وغير المسؤولة، وانتهاك لاتفاق السلام الموقّع عام 1994، قائلة: «سنرد على ذلك».

استنكار واسع

وتسبب سموتريتش في موجة انتقادات إقليمية ودولية، إذ أعربت وزارة الخارجية السعودية، أمس، عن إدانة المملكة واستنكارها لـ «التصريحات المسيئة والعنصرية الصادرة عن أحد مسؤولي حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بحق دولة فلسطين وشعبها». وأكدت موقف المملكة الرافض للتصريحات المنافية للحقيقة، والتي تسهم في نشر خطاب الكراهية والعنف، وتقوّض جهود الحوار والسلام الدولي.

وجددت دعم المملكة لكل الجهود الدولية الرامية إلى حل القضية الفلسطينية على أساس مبادرة السلام العربية، وضمان قيام الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

كما انتقدت الإمارات سموتريتش لإنكاره وجود الشعب الفلسطيني من أمام منصة تتقدمها خريطة إسرائيلية متداخلة بين الضفة الغربية والأردن، واصفة ذلك بـ «الخطاب التحريضي».

بدوره، رفض منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي تصريحات سموتريتش، وعقب بالقول: «تصريحات خطيرة وغير مهذبة في ظل الأوضاع المتأزمة حالياً. ولا يمكن التسامح معها».

كما أدانت سلطنة عمان وفرنسا تصريحات الوزير الاسرائيلي.