بعد الاختراق الكبير الذي حققته الصين في الشرق الأوسط، منطقة النفوذ الأميركية التقليدية، بعد أن رعت اتفاق مصالحة بن السعودية وإيران، بدأ وزير خارجية هندوراس، أمس، زيارة للصين، تهدف إلى تعزيز الجهود لإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، في إشارة إلى احتمال إنهاء وشيك للعلاقات الممتدة منذ عقود بين هندوراس وتايوان، وسط تنامي الوجود الصيني في أميركا الوسطى، التي كانت قبل ذلك قاعدة راسخة لدعم تايوان، الأمر الذي يثير قلقا أميركيا من اتساع نفوذ بكين في فنائها الخلفي.

وقال إيفيس ألفارادو، السكرتير الإعلامي للرئاسة في هندوراس، إن وزير الخارجية إدواردو إنريكي رينا سيسعى في بكين الى تعزيز جهود إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين بتوجيهات من الرئيسة زيومارا كاسترو.

Ad

في المقابل، استدعت وزارة الخارجية التايوانية سفير هندوراس لديها، للتعبير عن «استيائها البالغ» بشأن الزيارة التي «أساءت بشدة إلى مشاعر حكومتنا وشعبنا».

وأوضح مصدر مطلع، لـ«رويترز»، أن رينا والوفد المرافق له غادروا إلى بكين من بنما، برفقة مسؤولين صينيين، وذكر مصدر دبلوماسي كبير في تايبه أن زيارة رينا للصين تظهر أن الإعلان عن إقامة العلاقات صار وشيكا على الأرجح، وسيعني هذا أن تايوان ستكون لديها علاقات دبلوماسية مع 13 دولة فقط.

ونفت هندوراس، أمس الأول، أن تكون قد طلبت 2.5 مليار دولار كمساعدات من تايوان قبل إعلانها عن السعي إلى إقامة علاقات مع الصين، وقالت بدلا من ذلك إن البلاد طلبت مرارا من تايوان شراء دين عام منها.

ويأتي ذلك فيما تقوم الصين بتحرك دبلوماسي إقليمي ودولي واسع، بعد أن جدد الحزب الشيوعي تشكيل السلطة في البلاد، مانحا الرئيس شي جينبينغ سلطة شبه مطلقة لإدارة البلاد وفق توجهاته الطموحة. وبالفعل حققت الصين هذا الشهر اختراقا كبيرا في الشرق الاوسط، كما أجرى شي زيارة لموسكو، تعهد خلالها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بتغيير النظام العالمي.

إقليمياً، أظهرت الصين توجها ودودا في المباحثات مع الفلبين أمس، حيث تسعى إلى «إجراء تشاور ودي» لتسوية الخلاف بينهما، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء، التي أضافت أن نائب وزير الخارجية الصيني صن ويدونغ قال بمانيلا في بداية مباحثات دبلوماسية تستمر لمدة يومين: «نحن في حاجة إلى الحفاظ على التوجه العام للعلاقات الودية بين الدولتين»، مضيفا أنه يتعين على الصين والفلبين «تعميق التعاون الاستراتيجي الشامل» والعمل معا نحو التنمية.

وتجرى المباحثات بين الدولتين في الوقت الذي تشهد العلاقات بين الدولتين توترا، حيث تقدمت مانيلا بشكوى بسبب «التواجد غير القانوني» لعشرات سفن البحرية وخفر السواحل الصينية في مياهها الإقليمية خلال الأشهر الماضية. وفي نفس الوقت، سمحت مانيلا للولايات المتحدة بدخول المزيد من القواعد العسكرية بالقرب من تايوان، وكذلك دخول مناطق متنازع عليها.

وفي شأن متصل، رفض السفير الصيني لدى أستراليا شيان تشيان المخاوف بشأن اندلاع حرب بين البلدين وقال إنها غير واقعية، فيما التقى مسؤولو الدفاع من الحكومتين لإجراء محادثات في كانبيرا.

وانتقد السفير تشيان، في مقال رأي نشر في صحيفتي سيدني مورنينغ هيرالد وإيدج، أمس، الرأي القائل بأن الصين تمثل تهديدا لأستراليا.

وقال: «اندلاع حرب بين الصين وأستراليا ليس واقعيا أو متسقا على الإطلاق مع مصالحنا الوطنية وفلسفتنا الدبلوماسية. ما تحتاجه أستراليا هو فرص وشركاء وليس تهديدات وأعداء خياليين».

ويأتي مقال شاو بعدما التقى مسؤولو الدفاع الأستراليون والصينيون للمرة الأولى منذ 2019 في كانبيرا أمس الأول.

وبدا أن اجتماع مسؤولي الدفاع يؤكد أن الدفء الأخير في العلاقات الدبلوماسية بين كانبيرا وبكين لم يخرج عن المسار رغم الإعلان عن استكمال الترتيبات لامتلاك أستراليا غواصات نووية في إطار تحالف أوكوس الذي يجمعها مع الولايات المتحدة وبريطانيا وتعتبره بكين موجها ضدها.

إلى ذلك، وفي حادث يتكرر كل مدة، أعلن الجيش الصيني أمس أنه قام بإبعاد مدمرة أميركية دخلت بشكل «غير قانوني»، ما تعتبره الصين مياهها الإقليمية في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، فيما أكد الجيش الأميركي أن المدمرة «يو إس إس ميليوس» (USS Milius) كانت تقوم بعمليات روتينية ولم يتم إبعادها، مؤكدا أن سفنه ستواصل الإبحار والطيران والعمل «أينما سمح القانون الدولي بذلك».