تتعالى أصوات نواقيس المسارح بكل أصقاع الدنيا، معلنةً الاحتفال بيوم المسرح العالمي، فما إن يحل 27 مارس من كل عام إلا وتنادت لتصيخ السمع إلى تلك الكلمة التي اعتادها المسرح العالمي، حيث يختار شخصية مرموقة وذات باع طويل عركته خشبات المسرح، واكتسب خبرة الأيام الصعبة لتكون هذه الكلمة عبرة لما يصبو إليه عاشق المعبد المسرحي، وطريقاً لاستلهام ما يستجد والإشارة إلى ما يتعرّض له المسرح.
وبما أن المسرح هو المرآة الحقيقية والحضور المباشر لما يعانيه المجتمع، إذن فله خاصية مغايرة لما عليه الفنون الأخرى، وبالتالي يبقى المسرح أداة للمشاكسة، بل النضال الذي يوصل الكلمة الحقّة وتبيان الخيط الأبيض في الزمن الأسود.
وبما أننا كبقية دول المعمورة نحتفل بهذا اليوم، وكلٌّ على طريقته الخاصة، وبما أنني أنتمي إلى مسرح البسام، الذي يعني لنا هذا اليوم الكثير، فلا بدّ أن يكون هناك لهذه الفرقة عمل جديد أو متجدد لتحتفل به وتشارك فيه المسارح العالمية أو العربية الأخرى.
واليوم، وفي هذه الذكرى العظيمة، لا بدّ أن أعرج على عمل مضى عليه عقدان من الزمان، حينها كان المخرج سليمان البسام قد حطّ رحاله ببلده الكويت، بعد أن جال بإنكلترا مع فريق عمله الأجنبي، وما إن دبّت حركة خشبته المسرحية، وعادت إليها الروح وكانت الغيوم الحبلى والوضع المتأحج بما ينذر بتقلّبات أو انفراجات بالمنطقة، تصدّى مسرح البسام وأعد نصاً وأخرجه كي يتماشى مع الظرف الحالك، وبما أن الطاغية قد أذاق شعبه الويلات وأذاق الكويت وشعبها جزءاً من هذه المرارة خلال الغزو، فقد بادر لعمل مسرحية أطلق عليها «ذوبان الجليد»، التي اعتبرها لفتة إنسانية وتعبيراً حقيقياً عن الأخوة القائمة بين الكويت والعراق، ولذا قرر مع «لجنة التآخي الكويتية مع الشعب العراقي» أن ينتج هذا العمل، وكان لـ «الدينامو»، السيدة لولوة الملا، والأستاذ عبدالرحمن الحمود، الأثر الكبير في سير مركبنا والإبحار مع مجموعة من الممثلين العراقيين والأجانب، كما بحث عن الطاقات الكويتية التي شاركتنا التمثيل، وبالتالي جاء هذا العمل كي يكون أداة لتجسير الهوّة وإعادة اللُّحمة بين الشعبين الشقيقين.
ولا بدّ من ذكر بعض الشباب الذين وقفوا بعد ذلك على خشبات المسرح أو من خلال الشاشة الفضية، ومنهم عبدالله التركماني، وبشار عبدالله، وحصة النبهان، وإبراهيم الشيخلي... وغيرهم.
ذكرت هذا العمل الذي شمل طاقات فنية ومواهب متميزة وانتماءات متعددة، كي أستمتع بيوم المسرح العالمي الجميل، الذي يحتفل به مسرح البسام مع أشقائه في تونس.
كل عام وطاقات المسرح إلى الازدهار، وأمنياتي في العام المقبل أن أجد شخصية كويتية
وهي تلقي خطاب اليوم العالمي للمسرح.