نهضة دولة بين الأمس واليوم
تعود بي الذاكرة إلى مقال نشرته في 25- 1- 2013 «نهضة دولة» تناولت فيه أسباب تراجع مؤشرات التنمية وأسباب استمرار الأزمات السياسية رغم وفرة الموارد المالية والبشرية، وإلى ضرورة إيجاد مخرج لتلك الأزمة دون المساس والتنازل عن دولة القانون والدستور.
غياب النية الصادقة للإصلاح من قبل طرفي النزاع الحكومة والمجلس حتى هذه اللحظة ما هو إلا دليل على عدم إدراك المعنى الحقيقي للديموقراطية والمشاركة الشعبية، وعجز الطرفين عن إيجاد حل متكامل يمكن التوافق عليه كنقطة التقاء، فما يُطرح لا يتجاوز بيانات وتصريحات صحافية وتغريدات لا تتناسب وحالة الاحتقان التي نعيشها.
ضعف الأداء الحكومي بالإضافة إلى التصرفات غير المسؤولة من النواب السابقين والحاليين لا يمكن وصفه إلا بـ«لعب عيال»، فاللغة الحاضرة ما زالت ترضع وتتغذى على ثدي التعصب الطائفي والطبقي والقبلي الأعمى.
هذا النفس البغيض إن لم يتغير نحو تعزيز روح المواطنة واحترام القانون فلن نجني منه إلا الدمار، فزوال الدول والمجتمعات يبدأ من صغائر الفتن ومن عقول كهذه، وما ذهب إليه هربرت سبنسر الفيلسوف البريطاني مؤلف كتاب «الرجل ضد الدولة» وصاحب مصطلح «البقاء للأصلح» والذي لو كان كويتياً لما قال ما قاله، ولتبنى فكرة «حرق الأصلح»، حتى لو كان الأصلح فكرة لا فرداً.
جدل اليوم تعدى القيم والفكر بعد أن ارتمى في أحضان الفجور بالخصومة، ولم يعد المثقف يقود الشارع بعد أن سلم الراية لحساب مجهول الهوية يوجهه كيفما شاء، وعلى الطرف الآخر هناك من يتذاكى ويتباكى على الديموقراطية منادياً بإشهار الأحزاب وإلغاء مرسوم الصوت الواحد، ومرّة بإمارة دستورية، ومرّة أخرى بدستور جديد ومملكة دستورية، وهو يعلم أنها محل خلاف شعبي ودستوري.
هذا التخبط أضعف الحراك الشعبي وصعّب عليه الطريق، فمن ينادي بتطبيق القانون واحترام السلطات والدستور تجده أول من يكسره، وإن بقيت الحال على ما هي عليه فلن نخرج من هذه الدوامة، والأمر يتطلب وجود إيمان بالديموقراطية والدستور وتغليب للمصلحة الوطنية على ما سواها من المصالح.
هذه الفقرة أنقلها كما هي من مقال «نهضة دولة» رغم أن الفارق الزمني على كتابتها تجاوز العشر سنوات بالتمام والكمال «سياسة العناد والإقصاء مستمرة للأسف الشديد في نفوس بعض ممثلي المجلس الحالي كما هو في المجالس السابقة، وهذا النوع من السياسة لا ينهض ببلد ولن يمكّن الوطن من تحقيق مبادئ العدل والمساواة التي نص عليها الدستور»، فهل تغير شيء أو بقي ما نفتخر به؟
ودمتم سالمين.