لبنان نقطة تلاقٍ سعودي - أميركي... وطهران تُظهِر انفتاحاً
يبقى لبنان ساحة مفتوحة لزيارات دبلوماسية بعضها متناقض وبعضها الآخر متوائم. فقد اللبنانيون الأمل من حلول الداخل، يراهنون كما دوماً على ما قد يأتي من الخارج. يتصادف على الساحة اللبنانية زيارتان، الأولى لرئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية كمال خرازي، والثانية لمساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى بارابارا ليف.
وكان قد غادر لبنان للتو وفد من بعثة صندوق النقد الدولي المكلفة بالتفاوض مع السلطة اللبنانية على الاتفاق على خطة واضحة للإنقاذ وللإصلاح الاقتصادي، وتلك الزيارة انطوت على إشارة دبلوماسية واضحة أيضا تمثلت في اللقاء الذي عقده وفد البعثة مع السفير السعودي وليد بخاري، مع ما حمله اللقاء من مؤشرات ترتبط بدور السعودية الأساسي في الصندوق كجهة ممولة، فيما هناك من سعى إلى ربط هذا اللقاء بالمواصفات التي تضعها السعودية لشخصية رئيس الجمهورية الذي لا بد للبنان انتخابه للسعي إلى الخروج من الأزمة.
زيارة المسؤول الإيراني تنطوي على رمزيتين، الأولى توقيت الزيارة بعد الاتفاق السعودي- الإيراني، والثانية أنه كان سابقا وزيرا للخارجية في عهد الرئيس الإيراني محمد خاتمي، والذي شهدت فترة حكمه تحسنا كبيرا في العلاقات الإيرانية- السعودية، وهو ما انعكس إيجابا على الساحة اللبنانية وفي دول المنطقة المختلفة.
وهذا ما حاول بعض المسؤولين اللبنانيين تفسيره بأنه محاولة لاستعادة تلك الحقبة في ضوء الاتفاق والسعي إلى التهدئة واستعادة التوازن بين الجانبين، والذي لا بد له أن ينعكس على ملفات المنطقة، وكذلك لا بد من التوقف عند مؤشر أساسي يتعلق باللقاءات التي نظمتها السفارة الإيرانية لخرازي مع شخصيات سياسية وإعلامية من المؤيدين والمعارضين لطهران، وهذا سلوك جديد تنتهجه السفارة الإيرانية في بيروت، كان قد افتتحه السفير مجتبى أماني قبل أسبوعين في لقاء صحافيين من معارضي طهران كنوع من الانفتاح عليهم والنقاش معهم.
أما زيارة المسؤولة الأميركية فلها جملة رمزيات أيضا، لا سيما أن برابارا ليف كانت قد أشارت قبل أشهر إلى أنه في حال عدم وصول لبنان إلى تسوية تؤدي إلى إعادة تشكيل السلطة، وتسهم في إعداد خطة إنقاذية وخطة للإصلاح الاقتصادي انسجاما مع صندوق النقد الدولي فإنه سيشهد مزيدا من الانهيار ومن الفوضى.
وتأتي زيارة ليف لبيروت على وقع تظاهرات واحتجاجات وارتفاع كبير بسعر صرف الدولار، وبحسب المعلومات فهي ستكون واضحة لجهة المواقف التي ستبلغها للمسؤولين اللبنانيين حول ضرورة الذهاب إلى توافق على إنجاز الاستحقاقات الدستورية والاتفاق مع صندوق النقد الدولي. ويعول المسؤولون اللبنانيون على الإشارات التي قد تحملها المسؤولة الأميركية حيال انتخابات رئاسة الجمهورية، لاسيما أنها هي التي تمثل الولايات المتحدة في الاجتماع الخماسي بباريس، وبالتالي سيكون لموقفها تأثير.
وفي الحركة الدبلوماسية أيضا، برزت زيارة السفير السعودي وليد البخاري للقاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، هذه الزيارة تأتي بعد عودة البخاري من الرياض، وبعد الاجتماع الثنائي الفرنسي السعودي في باريس، والذي حصل فيه اختلاف بوجهات النظر بسبب تمسك الفرنسيين بمبدأ المقايضة مقابل رفض السعودية لها.
وتؤكد المعلومات ان السعوديين كانوا قد نسقوا موقفهم هذا مع قطر ومع أميركا، وكان هناك تطابق في وجهات النظر. وبحسب المعلومات فإن اللقاء كان إيجابيا بين البخاري وجعجع، وكانت هناك قراءة مشتركة للواقع السياسي والانتخابي، لا سيما أن جعجع يثني على الموقف السعودي الداعم للبنان ولضرورة إنقاذه باعتماد سياسة مختلفة عما يحاول حزب الله تكريسه مع الفرنسيين، وتشير المعلومات الى أن الموقف السعودي لم يتغير بشأن المواصفات التي يضعها حول الرئيس العتيد.