أكد أحد كبار قادة «فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ «الحرس الثوري»، أن إيران لم تصدر الأوامر لشن الهجوم على قاعدة أميركية شرق سورية، والذي أسفر عن قتل متعاقد أميركي، لافتاً إلى أن المسؤولين الإيرانيين فوجئوا بالتصعيد.
وقال المصدر، لـ «الجريدة»، إن إيران بعثت، يوم الجمعة الماضي، برسالة عاجلة عبر وسطاء إلى واشنطن، تؤكد فيها أنه لا علاقة لها بالهجوم الأول الذي استهدف القاعدة الأميركية الخميس الماضي، لكنّ هذا لا يعني أنها ستقف مكتوفة الأيدي إزاء الهجمات الأميركية الانتقامية ضد حلفائها.
وأوضح أن الرسالة دعت الأميركيين إلى وقف التصعيد وانتظار نتائج تحقيقاتهم الخاصة، وكذلك التحقيقات الإيرانية، لمعرفة حقيقة ما حصل.
وأمس الأول، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الإيراني كيوان خسروي إن الاتهامات الأميركية لإيران بالهجوم على القواعد الأميركية في سورية غير صحيحة، موضحاً أن واشنطن تريد بتلك الاتهامات تجنب عواقب احتلالها للأراضي السورية.
بدوره، ذكر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن الاتهامات الأميركية لإيران لا أساس لها ولا أدلة عليها، مشيراً إلى أن وجود مستشارين عسكريين إيرانيين في سورية جاء بطلب من الحكومة السورية، لمساعدتها في مواجهة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار.
وكشف المصدر الإيراني، لـ «الجريدة»، أن المستشارين العسكريين الإيرانيين في سورية لم يكونوا على علم بالهجوم الذي لم يتم التنسيق بشأنه مع أي مستوى إيراني، حتى أن اللواء إسماعيل قآني قائد «فيلق القدس»، أمر شخصياً بفتح تحقيق حول من أمر ونفذ الهجوم، الذي استدعى رداً أميركياً أوقع 19 قتيلاً على الأقل، تبعه هجوم مضاد للميليشيات المرتبطة بإيران.
وذكر أنه أخيراً صدرت توجيهات مباشرة من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، بضرورة التزام التهدئة وضبط النفس إلى أقصى الحدود، لمواكبة التفاهمات السياسية الإقليمية، خصوصاً أن طهران كانت متنبهة إلى محاولات محتملة لعرقلة تقاربها مع السعودية، عبر استهداف مصالح سعودية أو خليجية تُتهم إيران بالوقوف خلفها.
ولم يستبعد المصدر أن يكون وراء استهداف القواعد الأميركية شرق سورية عملاء مندسون من إسرائيل أو حتى روسيا، خصوصاً أن الطرفين، حسب قوله، منزعجان، كلٌّ لأسبابه، من قرار واشنطن تخفيض وجودها العسكري في المنطقة، في إشارة إلى تقرير «وول ستريت جورنال»، الذي أفاد قبل أيام بأن واشنطن ستسحب مقاتلاتها الحديثة من الشرق الأوسط في إطار استراتيجيتها حيال تهديدات الصين وروسيا.
وفي حين أن التخوف الإسرائيلي من هذه الخطوة قد يكون مبرراً، خصوصاً في ظل التقارب الإيراني ـ السعودي، فإن موسكو ترى أن سحب المقاتلات الأميركية الحديثة من المنطقة ونشرها في دول أوروبا الشرقية، يعني أن هذه الدول يمكنها الاستغناء عن قسم كبير من مقاتلاتها الروسية القديمة وتسليمها لأوكرانيا.
وأكد المصدر أن طهران كانت ملتزمة ضمنياً، إلى حد كبير، باتفاق «عدم الاعتداء» مع واشنطن في سورية، الذي تم التوصل إليه مع قائد «فيلق القدس»، الذي اغتاله الأميركيون، رغم أنها تعتبر أن الاتفاق سقط عملياً بعد تصفية الجنرال الإيراني مطلع 2020.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أكد أن إدارته لا تريد أي مواجهة مع إيران، لكنها مستعدة لحماية قواتها، في حين جدد الجيش الأميركي تمسكه بوجوده العسكري في سورية لمحاربة تنظيم «داعش».
وجاءت الهجمات بعد ساعات من الكشف عن محادثات سعودية ـ سورية لاستعادة العلاقات الدبلوماسية. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن بلاده لا تزال تعارض تطبيع العلاقات مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ولا تشجع عليه.
وكان هجوم بطائرة مسيرة وقع الخميس الماضي أسفر عن مقتل متعاقد أميركي وإصابة آخر وخمسة جنود. وقالت واشنطن إن الهجوم أصله إيراني، وردت بهجوم على مواقع تابعة للحرس الثوري وحلفائه في دير الزور، مما أدى إلى مقتل 19 شخصاً، هم حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، 3 جنود سوريين، و11 مقاتلاً سورياً من الجماعات المسلحة المتحالفة مع الحكومة، و5 مقاتلين غير سوريين موالين للحكومة.
وردت الميليشيات المتحالفة مع طهران بقصف قواعد أميركية بصواريخ ومسيرات، مما أدى إلى إصابة عدد غير محدد من الأشخاص.
وأمس الأول توعّد بايدن في رسالة موجهة إلى الكونغرس بإجراءات إضافية، حسب «الضرورة»، لوقف الهجمات التي تستهدف القواعد الأميركية في سورية، مؤكداً أن الرد الأميركي على الهجوم استهدف منشآت لتخزين الذخائر وأغراض أخرى، وأن الغارات تمت بطريقة تهدف إلى إرساء الردع والحد من مخاطر التصعيد.