لمحة تاريخية لحكم المماليك
كيفما كان حُكم التاريخ على سلطة المماليك، فالذي لا شك فيه أنهم كانوا شديدي التدين وحريصين كل الحرص على الذود عن أرض المسلمين، وأنهم أقاموا سداً منيعاً حامياً في وجه أشد الهجمات شراسةً، والتي كانت تهدف إلى إضعاف المسلمين، وبالتالي إضعاف الإسلام:
أولاً: كانوا في مواجهة ثلاث عشرة حملة من الحروب الصليبية.
ثانياً: أبدوا شجاعة منقطعة النظير يوم تصدوا للحملة التتارية المغولية من الشمال.
ثالثاً: مواجهتهم لقبائل الجنوب الذهبية من المغول:
وأبرز الأسماء التي سجلها تاريخ تلك المعارك: قُطز، بيبرس، سلار... الذين تم اختيارهم لتولي مناصبهم القيادية يوم خطب السلطان الناصر محمد قائلاً:
- أيها الأمراء أنا في السادسة عشرة من عمري، ولن أتمكن من الحكم في هذه الدولة الإسلامية المُتسعة الأرجاء دون نوابٍ يخلصون لي النصيحة، ويُعينوني على تحمُل أعباء المسؤولية، ولهذا اخترت قُطز، والظاهر بيبرس، ومحمود سلار نواباً لي.
والسلطان الناصر محمد كان يحمل صفات والده قلاوون، لما يتمتع بهِ من رجاحة التفكير والعقل.
***
* ولما احتل المغول دمشق كان لابد لهم من تقوية صناعة أسلحتهم للتصدي للمغول، وكان لابد من فرض ضريبة على المواطنين لجمع المال، ولكن السلطان طلب إليهم أن يستفتوا قاضي القضاة في فرض ضرائب على الناس:
***
فذهب قُطز وبيبرس وسلار إلى جامع الأزهر، حيث الشيخ تقي الدين بن دقيق قاضي القضاة:
- ماذا أستطيع أن أقدم لكم أيها السادة؟
- أن تُفتي بأن يدفع كل مسلمٍ ديناراً للدفاع عن أرض الإسلام.
- حسب علمي أن لدى الأمراء أموالاً طائلة، وفيهم من يُجهز بناته بالجواهر واللآلئ، بل إن منكم من يصنع أدوات وضوئه من الفضة الخالصة، وفيكم أيضاً من يُرصع مداس زوجته بأصناف الجواهر... فلماذا تريدونني أن أُفتي بإرهاق الناس؟
- ولكن يا شيخ الإسلام لو أننا طلبنا من الأمراء أن يفعلوا ذلك لما خرجوا معنا للدفاع عن أرض الإسلام.
- واللهِ من يرفض الخروج للدفاع عن دين الله فقعوده في بيت أمه خيرٌ لنا من خروجه.
- مولانا لا تُرغمنا على إصدار قرار سلطاني دون فتواك.
- أيها المملوك الذي لا يملك نفسه، منذ متى كان لك حق الكلام في فتاوى الفقهاء؟ قُم من مجلسك، أتريد أن أفتيك بإرهاق العباد بالباطل؟ قل لسلطانك إن ابن دقيق لا يُفتي بنهب أموال الناس.
***
ولما أخبروا السلطان برد القاضي، تم تمويل ما كانوا يسعون إلى جمعه من ضرائب تُفرض على الناس من أموال السلطنة!