شريم ينفخ دون نهاية
غرقت شوارع ومناطق في أمطار «السرايات» أمس، ونشرت صور بوسائل التواصل الاجتماعي لا تُظهر حجم البحيرات في الطرق السريعة، بعد أن شُلّت حركة المرور، التي هي أساساً مختنقة بعدد السيارات واعتباطية الدوام المرن فقط، بل حجم العجز والفشل السياسيين في إدارة الدولة.
يمكن تصوُّر الرد الرسمي من وزارة الأشغال بأن ما حدث أمس كان ظاهرة طبيعية قاهرة واستثنائية لم يكن بالإمكان تجنّبها، وهذا ردّ قاصر، فلم تكن المرة الأولى ولا الأخيرة أن تغرق الجسور والشوارع، وتزيد معها كمية الحفر والثقوب الكبيرة بالأسفلت السيئ، وهذا وليد مناقصات فاسدة، ولم تكن المرة الأولى، وبالتأكيد لن تصبح الأخيرة، طالما بقيت إدارة هذه الدولة على حالها، وهي ستظل باقية بحكم تفرُّد السلطة واختياراتها العشوائية، وعجزها المتأصل في مواجهة الفساد.
لم يكن الفساد، كما يعلم المتابعون لتطوراته، مسألة شوارع وطرق مدمرة طافحة بمياه الأمطار في بلد يُفترض أنه من أغنى بلدان العالم والأكثر فشلاً في التخطيط السياسي- الإداري، بل هو غياب القدرات العقلية لاتخاذ القرارات الحاسمة لردم هذا الدمار المتواصل في الدولة بكل مرافقها.
العقلانية في سياسة إدارة الدولة تفترض التعلُّم من التجارب السابقة، وأن تراكم الخبرات لشق نهج جديد في إدارتها، وهذا لم يحدث قط في كويت الجمود التي ظلت سياساتها تمضغ الأخطاء وتعيد اجترارها دون تعب.
هل هناك حل وحلول تنقذنا من واقع الحال ومن القادم الأسوأ، بغير تدمير كل البنى الإدارية التي تسيّر الدولة من ألفها إلى يائها دون استثناء، وإعادة بناء جديدة بفكر متجدد مرن، يتقبل تضحيات ضخمة من الكبار قبل الصغار؟ من غير ذلك لا شيء غير رفع شعار «انفخ يا شريم» حتى تنقطع أنفاسك.