في الصميم: كسل وتسيُّب... فماذا تبقى؟
افتتاحية مؤلمة لجريدة «الجريدة» تصف فيها الكويت بأنها دولة الكسل، سبقها وصف أكثر إيلاما صدر قبل بضعة أشهر عن «الإيكونوميست» بأن الكويت رجل الخليج المريض، وأوصاف وتحذيرات كويتية ودولية تصف الحالة الكويتية بأنها متدهورة، إنها الكويت التي كانت درة الخليج وبلد النهار، بلد الخير والصدقات، ومنارة الثقافة، والفن، والحرية، والحداثة.
ورغم هذا، ورغم التسيب الوظيفي والتهرب من العمل والتعلم، ورغم التهور والتمادي في منح الإجازات والتعطيل والعطل التي فاقت أي دولة تحترم نفسها وقيمة العلم والعمل فيها، فإن هناك من يطالب بمزيد من التعطيل للبلد في العشر الأواخر من رمضان، ولا نعرف هل هو مطلب سياسي أم ديني، أم هو تقليد لدول هي أصلا لا تعطل في أي مناسبات مهما كانت، أم أنه مجرد كسل معشش في عقول المسؤولين؟
فمنذ أن فتحنا أعيننا على الحياة والى أن دخلنا معترك العمل ونحن نرى الجميع يبذل جهده في رمضان، فماذا حدث للكويت الآن؟ هل هناك أناس آخرون غيرنا لا يستطيعون العمل في رمضان؟ أم أنهم أكثر تدينا منا فهم يريدون قيام الليل الذي كنا نقيمه، ولكن بعطلة رسمية؟ فماذا يسمى ذلك المطلب غير أنه كسل في العمل وفي أداء الواجب؟
موظفات دور تحفيظ القرآن يداومن من الساعة 4 إلى 7 مساء فقط، ويقبضن بغير حق راتب دوام كامل، فقرر ديوان الخدمة تصحيح الوضع لتعود ساعات العمل الى سبع ساعات، إلا أن الموظفات قمن باعتصام بتشجيع من نوائب الأمة، أما سبب اعتصامهن فهو الكسل بعينه، وإلا ما الفرق بينهن وبين باقي موظفات الكويت حتى يتميزن عنهن بدوام قصير وراتب كامل؟ طبعا الحكومة الرشيدة تراجعت عن قرارها الإصلاحي وطأطأت رأسها لكسالى الكويت.
واعتصم قبل مدة مفتشو إدارات النظافة وإشغالات الطرق، أتعلمون لماذا؟ لأن وزيرة الدولة لشؤون البلدية أصدرت قرارا بنقلهم خارج مراكز المحافظات التي يسكنون فيها، وهو قرار حكيم، فسبب القرار عدم عدالة المفتشين وتساهلهم مع المخالفات الجسيمة وتخاذلهم وتغاضيهم داخل مناطقهم، أما احتجاج المفتشين فلا سبب وراءه إلا الكسل ولا غير الكسل، فهم يرفضون نقلهم عن أماكن سكنهم لبعدها عنهم وكأن الكويت جزيرة العرب، رغم أن معظم موظفي الكويت يعملون خارج مناطقهم، وطبعا استجابت الحكومة الرشيدة لمطالب كسالى الكويت.
الحقيقة أن الكسل ظاهرة مرضية ومدمرة تماما كالغش والتزوير والرشوة، فالكسل في الرقابة هو الذي أدى الى الغش في الشوارع والاختبارات والتزوير وفي كل شيء، الكسل هو الذي دفع بعشرات الآلاف من الطلبة الى الغش، وآلاف المدرسين الى التهاون في التعليم، وهو الذي يعطل مصالح المراجعين بمقولة «تعال باجر»، حتى مجلس الأمة مصاب بظاهرة الكسل، فالمطبخ التشريعي بلجانه في سبات، لا يشغل بالها غير ترسيخ الكسل، وهدر الأموال بلا مجهود.
لا يبدو أن أحدا في هذا البلد، إلا ما ندر، يشعر بأن البلد بكامله يعيش حالة كسل وتسيب، فلا الحكومات ولا المجالس السابقة واللاحقة، ولا رجال الدين ولا خطباء المساجد ولا الجمعيات الخيرية قاموا بواجبهم تجاه تلك الظاهرة المدمرة للأمم.